
عودة العمالة اليمنية من الخارج
غادر آدم محمد، الذي يبلغ من العمر 32 عاماً، صنعاء في عام 2016 متوجهاً إلى السعودية بحثًا عن فرصة لتحسين وضعه المالي ودعم أسرته. إلا أن فرض رسوم الإقامة الجديدة وارتفاع تكاليف المعيشة قد أديا إلى تراجع تدريجي في دخله، حيث أصبح راتبه بالكاد يغطي نفقات الإقامة. وبعد مضي ست سنوات من الغربة، عاد في بداية عام 2025 ليكتشف أن غرفته العائلية مؤجرة والأسواق المحلية تثقل كاهل المواطنين بارتفاع الأسعار.
عودة المهاجرين إلى الوطن
رغم استمرار الصراع وتدهور الأوضاع المعيشية في اليمن، فإن السنوات الأخيرة قد شهدت تزايد ظاهرة الهجرة العكسية، حيث يعود الآلاف إلى بلادهم من دول الخليج وأماكن أخرى حول العالم. تبقى السعودية في طليعة هذه الدول بسبب تصاعد تكاليف المعيشة وفقدان فرص العمل، بالإضافة إلى حنين الناس إلى أوطانهم. وفقًا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، عاد نحو 55,269 يمنياً من السعودية بين يناير وأكتوبر من عام 2022، وسُجلت عودة 3,216 شخصاً فقط خلال يناير 2025. كما شهد عام 2024 وصول نحو 60,900 مهاجر إلى اليمن، بما في ذلك عدد كبير من العائدين. تعكس هذه الأرقام اتجاهًا متزايدًا نحو العودة، مدفوعًا بالتدهور الاقتصادي في دول المهجر.
تدهور القدرة الشرائية لليمنيين بسبب سياسات “السعودة” في سوق العمل السعودي وفرض رسوم وضرائب جديدة، لم يعد يتيح لهم تحمل تكاليف معيشية مريحة أو تحويل الأموال إلى أسرهم. اختار البعض العودة رغم المخاطر الأمنية، في حين قرر آخرون إنهاء فترة الغربة بعد فقدانهم الأمل في مستقبل أفضل في دول اللجوء.
أحمد، الذي كان يعمل في قطاع البناء بجدة، عاد إلى تعز بعد فقدان وظيفته بسبب سياسات “السعودة”، ليواجه سوق عمل مشبع ونسبة بطالة مرتفعة بين الشباب تصل إلى 50%. أيضا، عادت فاطمة (28 عاماً) التي لديها ثلاثة أطفال من السعودية في بداية عام 2025 بعد توقف تصريح عمل زوجها، لكن لم تجد له مأوى واضطرت للإقامة في مخيم يفتقر للخدمات الأساسية.
يُواجه العائدون تحديات عديدة، بما في ذلك سوق عمل ضيقة ونقص حاد في السكن. رغم هذه الصعوبات، يشعر البعض أن قرار العودة هو أكثر من مجرد خيار اقتصادي، بل إن له علاقة قوية بالجذور والارتباط بالوطن. ورغم ما يواجهونه من مشاكل، فإن الوطن يبقى بالنسبة لهم ملاذًا نهائيًا.
يشكو العائدون من شعور بالخداع والاغتراب المزدوج؛ فقد كانت الغربة سابقًا ملاذًا آمنًا، لكنها الآن لم تعد تجدي نفعًا مع ارتفاع تكاليف الحياة في الخارج، بينما لا يوفر الداخل الاستقرار الذي ينشدونه، ما يضعهم في وضع غير مستقر بين عالَميْن لا يعززانهم.
بينما يواجه أطفال العائدين صعوبات في التكيف مع المدارس اليمنية والمناهج التي لم يعتادوا عليها، تلجأ الأمهات غالباً إلى العمل غير الرسمي، معتمدةً على مهاراتهن في الخياطة أو إعداد الطعام لضمان دخل يساعد في تلبية احتياجات عائلاتهن رغم قلة الموارد المتاحة.