
استمرت الصحف الأردنية لليوم الثاني على التوالي في التركيز على نتائج الاجتماعات التي عقدتها اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة والتي اختتمت أعمالها في عمان الثلاثاء الماضي. وقد تمخضت هذه الاجتماعات عن توقيع تسع اتفاقيات ومذكرات تفاهم تشمل مجالات متعددة، حيث أكد المحللون والخبراء أهمية الجانب الاستراتيجي لهذه الشراكة ودورها في تعزيز التكامل الاقتصادي والسياسي بين البلدين.
في تحليل نشرته جريدة (الرأي) الأردنية، أشار الدكتور رعد محمود التل، رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية، إلى أن هذه الاتفاقيات تمثل خطوة تتجاوز تعزيز العلاقات الثنائية، حيث تعتبر إعادة تموضع اقتصادي في بيئة إقليمية غير مستقرة. وأوضح أن كلا من الأردن ومصر يدركان أن النمو المستقبلي لا يمكن تحقيقه من خلال التبادل التجاري التقليدي فحسب، بل يجب أن يتم من خلال تعميق التكامل في القطاعات التي تولد قيمة مضافة وتعزز القدرة التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
فيما يتعلق بقطاع الطاقة، أوضح التل أن التركيز على الربط الكهربائي وإمدادات الغاز يستهدف إنشاء سوق إقليمية للطاقة تعتمد على التكامل بدلاً من المنافسة غير الفعالة، مما يسهل تبادل الإمدادات بشكل أكثر مرونة ويحد من مخاطر تقلب الأسعار أو الانقطاعات المفاجئة. ويعتبر الأردن هذا الربط فرصة لتعزيز أمنه الطاقي وتقليل تكاليف الإنتاج الصناعي، بينما تستفيد مصر من فتح مسارات تصدير جديدة تدعم خطتها للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.
أما في مجال النقل والترانزيت، أشار التل إلى أن الاتفاقيات تساعد في دمج الممرات التجارية الإقليمية، حيث يمكن للأردن، من خلال تحسين الربط مع الموانئ المصرية، أن يوفر بديلًا تنافسيًا للمسارات البحرية التقليدية، مما يعزز مرونة سلاسل الإمداد ويخفض التكاليف، وهو أمر ذو أهمية خاصة في ظل التحديات العالمية الأخيرة.
وعلى الصعيد الصناعي والاستثماري، ذكر التل أن هذه الاتفاقيات توفر إطارًا للتكامل الإنتاجي، حيث يمكن دمج الخبرات الأردنية في الصناعات الدوائية والأسمدة مع القدرات المصرية في الصناعات الثقيلة والمنسوجات، مما يفتح فرص وصول إلى أسواق جديدة.
وفي السياق السياحي، يمكن الاستفادة من دمج الموارد السياحية للبلدين في عروض مشتركة تستهدف أسواق بعيدة، مع وجود خطط تسويق موحدة وشبكات طيران منخفضة التكاليف.
وأكد التل أن التوافق السياسي بين عمان والقاهرة يخلق بيئة مؤسسية مستقرة تزيد من فرص نجاح هذه الاتفاقيات، ولكنه شدد على أهمية التحول من التفاهمات البروتوكولية إلى آليات تنفيذية واضحة تتماشى مع أهداف محددة وقابلة للقياس.
في جريدة الدستور الأردنية، أشار الصحفي عوني الداوود إلى أن العلاقات الأردنية المصرية تمر بأفضل مراحلها بفضل الروابط الوثيقة بين الملك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي. وأكد على أهمية استثمار هذه العلاقة في مجالات السياسة والاقتصاد والاستثمار والثقافة بشكل أسرع، مشددًا على أن هذه العلاقة تمثل حائط صد أمام الأطماع الإسرائيلية وتساهم في الضغط لوقف الحرب وإدخال المساعدات.
كما أشار إلى أن حجم الاستثمارات الأردنية في مصر يبلغ نحو ملياري دولار، بينما تصل الاستثمارات المصرية في الأردن إلى مليار دولار، وأن الجالية المصرية في الأردن تمثل واحدة من الأكبر خارج مصر بإجمالي يقارب 900 ألف شخص. كما شهدت التجارة بين البلدين ارتفاعًا بما نسبته 30% مؤخرًا، مما يعكس نجاح التعاون في مجالات الغاز الطبيعي والربط الكهربائي.
اختتم الداوود بالقول إن العلاقات الأردنية المصرية، التي تعود جذورها إلى عام 1946، تمثل نموذجًا للعلاقات العربية وتوفر الظروف الحالية فرصة كبيرة لتفعيل الاتفاقيات وتعزيز التعاون بما يحقق نموًا اقتصاديًا أكبر ويتيح فرص عمل جديدة للشباب في كلا البلدين.