أسباب استثمار الحكومة الأمريكية في شركة إنتل
في خطوة تعتبر غير تقليدية، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تحويل منحة حكومية خصصت لدعم تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة إلى حصة ملكية تصل إلى 10% في شركة إنتل، يأتي هذا القرار في إطار خطة شاملة تهدف إلى تعزيز سلاسل تصنيع الرقائق الإلكترونية داخل أمريكا وضمان التفوق في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تعمل إدارة ترامب منذ عدة أشهر على تعزيز صناعة الرقائق داخل البلاد، من خلال فرض رسوم محتملة على الشرائح القادمة من الخارج وتقديم حوافز للمصنعين المحليين، الصفقة الأخيرة تنص على أن الحكومة ستحصل على حصة زيادة إذا تراجعت ملكية إنتل لوحدتها المسؤولة عن تصنيع الرقائق للعملاء الدوليين إلى أقل من 50% خلال السنوات الخمس المقبلة، مما يضفي على الحصة الحكومية نوع من الأمن بالنسبة لصناعة الرقائق.
منذ إطلاق وحدة إنتل فاوندرِي في عام 2021 مع خطة لبناء مصنعين جديدين في أريزونا باستثمارات تتجاوز 20 مليار دولار، واجهت الشركة مجموعة من التحديات الكبيرة، حيث لم تتمكن من إتمام صفقة استحواذها على Tower Semiconductor عام 2023 بسبب تعقيدات تنظيمية، كما أنها لم تحقق نجاحات كبيرة في جذب عملاء كبار، مما أثر سلبًا على خططها التوسعية.
وفي عام 2024، أجرت إنتل إعادة هيكلة لوحدتها لتصبح كيانًا شبه مستقل، تحت ضغط من مجلس الإدارة، وشهدت تراجعًا في النمو وتسريح آلاف الموظفين، ومع ذلك، حصلت الشركة في نوفمبر 2024 على منحة فدرالية بقيمة 7.86 مليار دولار وفقًا لقانون “الرقائق والعلوم” لتعزيز الصناعة المحلية، وكان الأمر متزامنًا مع مغادرة الرئيس التنفيذي بات غيلسنجر بشكل مفاجئ في ديسمبر.
وفي مارس 2025، عاد ليب-بو تان، الذي كان عضوًا سابقًا في مجلس الإدارة، لتولي منصب الرئيس التنفيذي، حيث بدأ خطة لإعادة هيكلة الشركة وتقليل التكاليف، لكن الجدل لم يتأخر كثيرًا، إذ طالب الرئيس ترامب باستقالته في أغسطس بدعوى وجود “تضارب مصالح” بسبب علاقته السابقة بشركة Cadence Design Systems الموجهة للاتصالات مع الصين، وطالما أن لقاء جمعه مع الرئيس ترامب في واشنطن حدث بعد ذلك بوقت قصير، فقد تسارعت الأحداث لتعلن الحكومة الأمريكية عن استثمارها في إنتل بعد أيام من استثمار شركة سوفت بنك بملياري دولار في الشركة.
بموجب هذه الصفقة، ستحصل إنتل على المنحة الحكومية الموعودة، بينما تشير الإدارة الأمريكية إلى أن استثمارها سيكون “سلبيًا”، أي أنها لن تتدخل في قرارات الشركة، وستقوم بالتصويت وفقًا لمصالحها، ولكن هناك من يتساءل عما إذا كان هذا الاستثمار سيساهم بالفعل في إنقاذ إنتل وإعادة بناء ريادتها في صناعة الرقائق، أم أنه سيزيد من الضغوط السياسية على الشركة وسط المنافسة العالمية مع آسيا وأوروبا.