
تحليل الإعلام السعودي واهتمامه بلبنان
تشهد الفترة الأخيرة تركيزًا ملحوظًا من الصحافة السعودية على الشؤون الداخلية في لبنان، بما يجعلها تبدو وكأن المملكة مشغولة فقط بقضايا هذا البلد. يظهر هذا الاهتمام بشكل واضح في مقالات الرأي التي تنشرها الصحف السعودية، والتي تكشف عن وجود شراكة مع الولايات المتحدة للضغط على لبنان وسلبه ما تبقى من سيادته. وعلى الرغم من أن العديد من اللبنانيين قد يرون أن هذا الأمر غير ذي أهمية، إلا أنه من المفيد تسليط الضوء على هذا الانخراط السعودي في الشأن اللبناني.
اهتمام الرياض بقضية لبنان
عندما يطلب الخطاب الرسمي اللبناني من المواطنين عدم جرح مشاعر الدول العربية، يصبح من الضروري أن يدرك الرأي العام اللبناني حجم الهجوم الذي تتعرض له البلاد من وسائل الإعلام السعودية، والتي تتجاوز حدود النقد لتصل إلى مستوى الإملاء والتوجيه. بين أبريل وأغسطس 2025، تم جمع أكثر من 560 مقال رأي في خمس صحف سعودية، ليتبين أن نسبة كبيرة من هذه المقالات، بلغت حوالي 41.3%، كانت مخصصة للحديث عن لبنان وحزب الله، في حين كانت القضايا الإقليمية الأخرى موضوعة في مواقع أدنى.
يشير هذا الانخراط إلى أن السعودية ترى في لبنان فرصة يجب استغلالها، محاوِلةً الضغط على حزب الله من خلال مزيج من التحليل الإعلامي والتدخل السياسي. ومع مرور الوقت، تتغير لهجة المقالات، مبتدئةً بالخطب الوصفية ثم الانتقال إلى المطالبة الملحة بوجوب قيام الدولة اللبنانية بإجراءات حاسمة تجاه سلاح المقاومة.
تتركز أهم الأفكار التي طُرحت في المقالات على تصوير حزب الله كتهديد للنظام اللبناني، والدعوة إلى قيام الجيش اللبناني بنزع سلاحه. كما تشير المقالات إلى أن أي إصلاح اقتصادي في لبنان يعتمد على مواقف المملكة تجاه هذه القضية. تتحول هذه الأفكار إلى تعليمات سياسية، تطالب باتخاذ خطوات ملموسة من قبل السلطات اللبنانية، مما يعكس تجاهلًا واضحًا لسيادة لبنان واستقلاله.
يبدو أن الإعلام السعودي يتجه نحو دفع لبنان نحو صراع داخلي، مما يثير علامات استفهام حول النوايا الحقيقية للرياض تجاه جارتها اللبنانية. لذا، يجب أن يكون هذا التنبيه دافعًا للمسؤولين اللبنانيين للتفكير في كيفية التعامل مع هذا الضغط الخارجي وتوحيد الصفوف في مواجهة أطماع الآخرين.