استمع للطريق: ثورة الذكاء الاصطناعي في القيادة الذاتية

تدخل السيارات الآن عصرًا جديدًا من التطور، إذ لم تعد مجرد أدوات تراقب الطريق عبر الكاميرات والرادارات، بل بدأت تتعلم “سماع” العالم من حولها، هذه التكنولوجيا الصوتية قد تمنح المركبات الإحساس المفقود، والذي لا يمكن أن توفره أنظمة الاستشعار البصرية بمفردها.

الفكرة الأساسية تتمحور حول قدرة السيارات على التقاط الأصوات الخفية، كصفارات سيارات الطوارئ التي تسبق ظهورها، أو حتى همسات المشاة على الأرصفة، وبهذه الطريقة، يتم نقل الأصوات العاجلة مباشرة إلى أذن السائق عبر مسند الرأس، مما يعزز سرعة استجابته، كما أشار موقع “إينترستينغ إنجينيرينغ”.

مشروع “السيارة السمعية” الذي يقوده معهد فراونهوفر IDMT يهدف إلى دمج حاسة السمع في المركبات، حيث أكد موريتز براندس، قائد المشروع، أن إدراك الأصوات الخارجية بدقة يعد جزءًا أساسيًا من مراقبة البيئة المرورية، فالكثير من المواقف الطارئة على الطريق ترتبط بإشارات صوتية، على عكس الكاميرات التي تحتاج إلى خط رؤية واضح، حيث يمكن للمجسات الصوتية التقاط الأوضاع الجارية حول المنعطفات أو في الشوارع المزدحمة، وكل جزء من الثانية قد يحدث فارقًا في مستقبل القيادة الذاتية.

السيارة التجريبية، المعروفة باسم “سيارة السمع”، مزودة بمجموعة من الميكروفونات المدعومة ببرامج ذكاء اصطناعي لتحديد الأصوات وتصنيفها، كما تم تصميم هذه الأجهزة لتتحمل ظروف الطقس القاسية، مما يضمن دقة الالتقاط حتى عند السرعات العالية، وقد خضعت السيارة للاختبارات من البرتغال إلى الدائرة القطبية الشمالية.

لضمان تركيز السائق، يتم نقل الأصوات المهمة مباشرة إلى المقصورة عبر مسند الرأس، مثل صفارات الإنذار وأبواق التحذير، مما يعزز سرعة ردود الفعل ويقلل من المخاطر المحتملة.

يتم تنفيذ المشروع بالتعاون مع كبار شركات تصنيع السيارات، حيث ترى تلك الشركات في الاستشعار الصوتي الخطوة الكبيرة التالية في أنظمة مساعدة السائق، فالسيارات القادرة على “السمع” ستمتلك القدرة أيضًا على التفاعل بشكل طبيعي مع الركاب، بحيث تصبح الأوامر الصوتية مثل “افتح صندوق السيارة” ممكنة، مع وجود أنظمة تحقق تضمن استجابة الأوامر فقط من الأصوات المصرح لها.

داخل المقصورة، لا يقتصر الأمر على السمع الخارجي فحسب، بل تتضمن التقنيات الجديدة مراقبة صحة السائق وانتباهه، حيث يستخدم رادار قصير المدى لقياس ضربات القلب والتنفس دون تلامس، بينما ترصد أجهزة EEG المحمولة نشاط الدماغ لاكتشاف علامات التعب، حتى الصوت نفسه يمكن تحليله للكشف عن التوتر أو الانفعال، مما يجعل من الممكن تقديم ملاحظات فورية للركاب، ومع هذا التطور، تقترب السيارات خطوة نحو محاكاة الأنشطة البشرية، حيث تجمع بين الرؤية والسمع والاستجابة، مما يمهد الطريق لجيل أكثر أماناً وذكاءً من المركبات.