أفادت دار الإفتاء بأنه في يوم مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تقرَّب إلى الله سبحانه وتعالى بشكره على إرساله للناس كهادي ومبشر ونذير، وقد وثَّق الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه هذا الموقف؛ حيث سُئِل النبي عن صيام يوم الإثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» أخرجه مسلم، وإذا كان صيام يوم مولده يعد شكرًا لله على نعمة إرساله رحمة للعالمين، فإنه من الملاحظ أيضًا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد شجع الصحابة على صيام يوم عاشوراء، شكرًا لله على إنقاذ موسى عليه السلام من فرعون، فهل يمكن أن يكون صيام يوم مولده تكريمًا لله أقل أهمية من ذلك!
وأشارت دار الإفتاء إلى أن المولد النبوي الشريف يمثل نافذة للرحمة الإلهية في تاريخ البشرية بأكمله، حيث يصف القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه «رحمة للعالمين»، وهذه الرحمة ليست مقصورة، بل تشمل هداية البشر وتعليمهم وتربيتهم ورفع مستواهم في الجوانب المادية والمعنوية، وهي تمتد لتشمل جميع الذين يعيشون بعدهم “وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ”.
كما أوضحت أن تبادل حلوى المولد النبوي الشريف بين الناس يعد أمرًا جائزًا ومستحبًا، فالتهادي يحمل في طياته معنىً جميلًا ويعزز الألفة والمحبة، وذلك استنادًا لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادوْا تَحَابوْا» (موطأ مالك)، ولم يوجد دليل يمنع من ممارسة هذا التقليد في وقت معين دون غيره، ولذلك فإنه إذا وُجدت مقاصد صالحة أخرى، مثل إدخال الفرح إلى قلوب الأهل وصلة الرحم، يصبح الأمر مستحبًا، وعندما يكون هذا التقليد تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه يصبح أكثر مشروعيتًا وأهمية، لأن “للوسائل أحكام المقاصد”.