تجربة الفصول الثلاثة في التعليم الجامعي السعودي
بعد أسابيع قليلة، ستغلق الجامعات السعودية آخر فصل من تجربة نظام الفصول الثلاثة، لترجع مجددًا إلى نظام الفصلين الدراسيين. وبذلك تنتهي مرحلة من أجرأ المبادرات التعليمية في تاريخ التعليم بالمملكة. ورغم تباين الآراء حول هذا النظام، أرى أن التحديات البيئية وتداخل أصحاب المصلحة كانت من أبرز أسباب فشله. ومن خلال خبرتي في مجال التعليم الجامعي، أود تسليط الضوء على بعض العوائق التشغيلية التي واجهت هذا النظام، عدم تمكنه من إكمال دورته كاملة لتقييم مخرجاته بشكل عادل. إذ تبنت معظم الجامعات هذا النظام لمدة عام واحد فقط، ثم تراجعت لتعود إلى النظام التقليدي، مما دفعها للبدء في تصحيح المسارات الدراسية للطلاب.
تجربة المدارس الثانوية
ونلاحظ أن الجامعات استندت إلى مبدأ التكلفة الغارقة في الإدارة، حيث تشير الدراسات إلى أن التحيز لاستمرار مشروع بلا جدوى يؤدي إلى تفاقم الخسائر. لذا يتعين التفكير في تقبل التغيير في المراحل المبكرة. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: لماذا لم تنجح تجربة الفصول الثلاثة رغم الدراسات العديدة التي صاحبت القرار؟
ما أهدف إليه هنا هو استكشاف الدروس المستفادة من هذه المبادرة، لنستفيد منها في المستقبل ونتجنب التحديات المحتملة.
أولاً، تختلف الفلسفة التعليمية بين النظامين؛ حيث يعتمد نظام الفصلين على تقليل عدد المقررات والتركيز على التعمق. بينما يزيد نظام الفصول الثلاثة من عدد المقررات بشكل سطحي. للأسف، تم تحويل مقررات الفصلين إلى ثلاثة فصول مع زيادة ساعات الدراسة.
ثانيًا، يأتي توقيت المبادرة بعد جائحة كورونا، حيث أضافت زعزعة دعم التعليم.
ثالثًا، تمثل التهيئة والتنفيذ تحديًا، حيث شعر الكثير من أعضاء هيئة التدريس أن المبادرة زادت العبء على كاهلهم، مما أثر سلبًا على الطلاب.
رابعًا، عانت الجامعات من ضعف التواصل حول تأثير النظام الجديد على تقليص الإجازات، مما أثر بشكل سلبي على المجتمع.
خامسًا، لم تتمكن المؤسسات التعليمية من تحقيق أهداف تحسين عمليات التعليم وزيادة كفاءة الإنفاق.
سادسًا، تتطلب بعض المقررات أنشطة بحثية وتدريب ميداني وقتًا طويلاً لم يتمكن نظام الفصول الثلاثة من تلبيته.
سابعًا، على الرغم من تشابه عدد الأيام الدراسية بين النظامين، فإن الأثر الاقتصادي لم يظهر بوضوح، لكنه قد يتضح من خلال تفاصيل التشغيل مثل ساعات العمل والموارد المستخدمة.
وفي الختام، انتهت مرحلة في التعليم الجامعي السعودي، مما يتطلب منا جميعًا التعلم منها. ومن المهم أن تتمكن وزارة التعليم من إصدار تقارير وإحصائيات حول هذه التجربة، لنتمكن من تفهم الماضي والتكيف مع الحاضر بما يعزز مستقبل التعليم.