مصر: التحديات التي تواجه سماسرة العقارات
في الآونة الأخيرة، شهدت مصر تزايدًا ملحوظًا في الاتصالات الترويجية الرامية إلى تسويق العقارات الفاخرة، مما جعل المهمة أكثر تعقيدًا بالنسبة لسماسرة العقارات. إذ يواجهون مواقف متباينة في أثناء اتصالاتهم، خاصةً مع أرقام عشوائية تشمل أشخاصاً من مختلف الشرائح الاجتماعية.
السخرية والتحديات في سوق العقارات
على الرغم من قلة خبرة سالي زكي في مجال “سمسرة تسويق العقارات”، إلا أنها واجهت خلال أربعة أشهر فقط العديد من المواقف الطريفة والمحرجة. كان عليها عرض وحدات سكنية فاخرة وشاليهات على أرقام عشوائية، لتكتشف أن بعض هذه الأرقام تعود لأشخاص من ذوي الدخل المحدود، مما دفعهم للرد بحدة أو السخرية من العروض المقدمة. رغم هذه التحديات، استطاعت سالي تحقيق بعض المكاسب التي حفزتها على متابعة مشوارها في هذا المجال.
أمام تزايد الشكاوى من الاتصالات، أقر الجهاز القومي للاتصالات في العام الماضي معايير تنظيمية لشركات التسويق، ومنحها مهلة لتقنين أوضاعها وتسجيل أرقام هواتفها، وهو الأمر الذي بدأ العمل به مؤخرًا.
بعدما لاحظت سالي أن الاتصالات تستهلك وقتها، قررت التركيز على وسائل السوشيال ميديا للتواصل مع العملاء الذين يتفاعلون مع عروضها، مما قلل من تعرضها لمواقف محبطة. وأوضحت أن العديد من الأشخاص لا يجيبون على الهاتف لأن رقمها يظهر على تطبيق (تروكولر) كرقم خطر محتمل.
على صعيد آخر، يعتبر بلال رزق، البروكر ورئيس قسم المبيعات في شركة “تسكين” للتسويق العقاري، أن المكالمات العشوائية تُصعّب على السماسرة، خصوصًا الشباب منهم. حيث ينبغي التركيز على العملاء المسجلين في الإعلانات بدلاً من استنزاف طاقاتهم في مكالمات غير مجدية. لكن الواقع يؤكد أن جميع السماسرة في مصر مروا بمواقف مماثلة من السخرية والألم نتيجة هذه الاتصالات العشوائية.
تتميز ردود فعل الكثير من متلقي هذه المكالمات بالتوتر، حيث يتذكر رزق أنه تعرض للشتائم حين أبلغ أحد العملاء بأنه يعرض عليه وحدات سكنية. ويشعر بروكر المبيعات أحيانًا بأن عليه قراءه مزاج العميل وضبط أعصابه بغض النظر عن الموقف، مُشيرًا إلى ذكرياته مع زملائه عندما يقضون وقتًا ممتعًا في الضحك معًا على هذه الاتصالات.
في هذا الإطار، ينظر الكثير من المصريين إلى هذه المكالمات كنوع من “الكوميديا السوداء”، حيث تكشف الفجوات الطبقية في المجتمع. إذ يعملون جاهدين لتدبير حياتهم اليومية، بينما ترد إليهم عروض عقارية بملايين الجنيهات، مما جعل بعضهم يستخدم هذه المواقف المضحكة لخلق محتوى هزلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
يشير الباحث في الأنثروبولوجيا وليد محمود إلى أن السخرية من مهنة السمسار ليست مجرد رد فعل عابر، بل تعكس ظاهرة اجتماعية أعمق تتعلق بالفجوة بين المواطن وسوق العقارات، وكذلك مع الخطاب الاقتصادي بشكل عام. فقد شهدت السوق العقارية زيادة ملموسة، لكن الفقر المرتبط ب32.5% في مصر عام 2022 يجعل من التعامل مع المتصلين من الطبقات المحدودة أمرًا شائعًا خلال عمل السماسرة.
تتذكر منى يسري، صحفية مصرية، مكالمة هاتفية من بروكر يعرض عليها وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر مقابل مقدم عدة ملايين، مما دفعها للتساؤل عن جدوى دفع ذلك المبلغ مقابل إطلالة على المونوريل.