
التنافس الإقليمي في المناطق المحررة في السودان
تشهد المناطق المحررة في السودان، التي تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، تصاعدًا في المنافسة بين ثلاث دول إقليمية رئيسية، وهي السعودية وتركيا وقطر. يعكس هذا التنافس إيمانًا واضحًا بأن هذه المناطق قد تجاوزت أزماتها العسكرية وبدأت في مرحلة إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات الآمنة.
التصاعد في النشاط الاستثماري
في الآونة الأخيرة، بدأت السعودية اتخاذ خطوات عملية للانخراط في شراكات اقتصادية بإنتاج السكر، حيث تم توقيع اتفاقية بين شركة السكر السودانية وشركة رائج السعودية. من جهة أخرى، أعلنت تركيا عن افتتاح فرع لبنك تركي في بورتسودان، مع خطة لتأسيس فرع آخر في الخرطوم، بالإضافة إلى عودة رحلات الطيران التركي. بينما أبدت قطر رغبتها في تمويل مشاريع عاجلة ذات طابع تنموي في المناطق المستقرة.
تشير هذه التحركات إلى دقة التقديرات الاستخباراتية التي تفيد بأن هذه المناطق لم تعد مهددة عسكريًا، حيث يسيطر الجيش بفاعلية على الأوضاع الجوية والبرية. وهذه التطورات تثير تساؤلات حول ما إذا كانت المعلومات المتوفرة لدى هذه الدول تؤكد قرب انتهاء الحرب أو إذا كانت هناك ضغوط دولية تهدف إلى حسم الصراع.
في سياق متصل، التقى السفير السعودي علي بن حسن جعفر بعدد من المسؤولين السودانيين في بورتسودان، حيث ناقش تعزيز التعاون الثنائي خصوصًا في المجالات الاقتصادية. وقد أعرب عن دعم المملكة المستمر للسودان في كافة الظروف، وآماله في عودة البلاد إلى مسار الإنتاج والتنمية المستدامة. كما تم تنظيم لقاء آخر بين رجل الأعمال السعودي أحمد السهلي ومجموعة من رجال الأعمال السودانيين لتعزيز الاستثمارات في السودان.
على مدار العقد الماضي، استثمرت دول الخليج العربي أكثر من 53 مليار دولار في السودان، مع التركيز الكبير على القطاع الزراعي، حيث جاءت السعودية في الصدارة باستثمارات وصلت إلى 35.7 مليار دولار. وتعتبر هذه الاستثمارات دليلاً على اهتمام الدول الخليجية بالاقتصاد السوداني، خاصة في ظل الأوضاع الحالية. وقد شهدت العلاقات التجارية بين السودان والسعودية نموًا ملحوظًا، حيث بلغت المبادلات التجارية بين البلدين 8 مليارات دولار.
تستثمر الإمارات أيضًا في السودان بمبلغ 7 مليارات دولار، بينما حققت الكويت استثمارات بـ 7 مليارات دولار أيضًا. أما قطر، فقد استثمرت 4 مليارات دولار في مجالات الزراعة وتربية الماشية والمعادن. وتظهر البيانات الرسمية أن حجم التبادل التجاري بين السودان وتركيا يصل إلى حوالي 500 مليون دولار، مع زيادة الاهتمام من قبل المستثمرين الأتراك لتوسيع نطاق استثماراتهم في السودان.