بداية سريان قانون العمل الجديد: خطوة نحو التغيير

يبدأ اليوم الاثنين الموافق 1 سبتمبر 2025 تطبيق أحكام قانون العمل الجديد رقم 14 لسنة 2015، وذلك بعد انتهاء المهلة التي حددها القانون منذ صدوره في 3 مايو الماضي ونشره في الجريدة الرسمية، ويأتي هذا القانون كخطوة هامة نحو تحقيق التوازن بين حقوق العمال وأصحاب الأعمال، حيث يسعى لتوفير بيئة عمل مستقرة تعزز الإنتاجية وتحمي حقوق العاملين في مختلف القطاعات.

ينص القانون على ضرورة نشره في الجريدة الرسمية، ويبدأ العمل به اعتبارًا من أول الشهر التالي لانقضاء تسعين يومًا من تاريخ نشره، والذي كان في 3 مايو 2025، ومن المقرر أن تُطبق أحكام القانون المتعلقة بإنشاء المحاكم العمالية المتخصصة اعتبارًا من 1 أكتوبر 2025، وفقًا لما ورد في المادة الثالثة عشرة، مما يضمن سرعة الفصل في القضايا العمالية وتحقيق العدالة الناجزة.

وفيما يتعلق بالتعريفات، يحدد القانون “العامل” ككل شخص يعمل مقابل أجر لدى صاحب عمل تحت إدارته أو إشرافه، بينما “صاحب العمل” يشمل كل شخص طبيعي أو اعتباري يستخدم عاملًا أو أكثر بأجر. يمثل هذا القانون خطوة رئيسية نحو تطوير التشريعات الخاصة بعلاقات العمل، بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل المصري ويعزز بيئة الاستثمار، بالإضافة إلى توفير حماية اجتماعية أكبر للعمال.

يعتبر قانون العمل الجديد المرجعية الرئيسية لتنظيم علاقات العمل في مصر، حيث يوضح في المادة (3) أنه القانون العام الذي ينظم تلك العلاقات، مما يجعله الإطار الأساسي لضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل. علاوة على ذلك، يعزز القانون من كرامة العامل، حيث حظرت المادة (4) تشغيله عنوة أو تحت ضغط، بالإضافة إلى منع التحرش أو التنمر أو أي نوع من العنف اللفظي أو الجسدي أو النفسي، مع تحديد لوائح العمل الداخلية للجزاءات المناسبة لمثل هذه المخالفات.

ويتسع نطاق الحماية ليشمل مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، حيث تمنع المادة (5) التمييز في التدريب أو التوظيف أو ظروف العمل لأي سبب يتعلق بالدين أو الجنس أو الأصل أو الإعاقة أو الانتماء السياسي، إلا أن القانون يسمح بميزات إيجابية محددة للمرأة أو الأطفال أو ذوي الإعاقة كوسيلة لحماية خاصة، ويلزم الوزارة المختصة بإعداد خطط لدمج تلك الفئات في سوق العمل بالتعاون مع الجهات المعنية.

ولإضافة مزيد من الأمان، نصت المادة (6) على بطلان أي اتفاقيات تُنتقص من حقوق العامل المحددة في القانون، حتى وإن كانت صادرة قبل سريانه، مع استمرار المزايا الأفضل الموجودة في العقود أو اللوائح أو العرف، وتوضح أن تغيير الشكل القانوني للمنشأة أو انتقال ملكيتها لا يؤثر على حقوق العمال.

كما نصت المادة (7) على إعفاء العمال من الرسوم القضائية وضريبة الدمغة في جميع مراحل التقاضي، ولم تشترط توقيع محامٍ على صحيفة الدعوى لضمان سهولة الوصول إلى العدالة، بالإضافة إلى أن المادة (8) منحت حقوق العمال أولوية على جميع أموال المدين حتى قبل حقوق الخزانة العامة، وأكدت أن اشتراكات التأمين الاجتماعي جزء لا يتجزأ من حقوقهم.

في حالة إغلاق المنشأة أو تصفيتها أو إفلاسها، أكدت المادة (9) على عدم سقوط التزاماتها تجاه العمال، حيث يجب تحديد مدة لسداد حقوقهم تحت إشراف الجهة الإدارية المختصة، بينما تناولت المادة (10) المسؤولية التضامنية بين أصحاب العمل في الوفاء بالالتزامات، خاصة في حالة تعدد أصحاب العمل أو وجود وكيل مفوض.

وتسري هذه الحماية أيضًا على حالات دمج أو تقسيم المنشأة أو انتقالها بأي وسيلة، كما تحددت في المادة (11)، حيث تبقى عقود العمال سارية ويكون الخلف مسؤولًا بالتضامن مع أصحاب العمل السابقين. علاوة على ذلك، ألزمت المادة (12) أصحاب العمل بصرف علاوة سنوية دورية لا تقل عن 3% من الأجر التأميني، حيث تبدأ هذه العلاوة بعد سنة من التعيين أو من تاريخ آخر علاوة، مع منح المجلس القومي للأجور صلاحية التأجيل أو التخفيض في حالة الظروف الاقتصادية الصعبة.

وأشار القانون في المادة (14) إلى توجيه حصيلة الغرامات، حيث يتوجه ثلث هذه الغرامات لصالح الوزارة المختصة لتستخدمها في الخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية، بينما يتم توجيه الباقي للخزانة العامة للدولة، كما ألزمت المادة (15) بتحصيل الرسوم ومقابل الخدمات من خلال وسائل الدفع غير النقدي وفقًا للقانون رقم 18 لسنة 2019.