رصدت مركبة برسيفيرانس التابعة لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا سلسلة من التموجات الرملية العملاقة المعروفة باسم “الميغا ريبيلز” على سطح كوكب المريخ، وهي ظاهرة جيولوجية نادرة تشير إلى استمرار نشاط الرياح في تشكيل تضاريس الكوكب الأحمر حتى اليوم، وقد قامت المركبة بالتقاط صور لهذه الكثبان الرملية الفريدة من نوعها في موقع يُعرف باسم كيرلاجونا داخل فوهة جيزيرو، حيث ظهرت التموجات بلون أحمر مائل مع حواف زرقاء، ويصل ارتفاعها إلى حوالي متر واحد، مما يجعلها أكبر من تموجات الشواطئ على الأرض، لكنها أصغر من الكثبان الرملية الكبيرة.
وقالت ناسا معبرةً عن أهمية هذا الاكتشاف: “على المريخ، الماضي مكتوب في الصخور، لكن الحاضر مكتوب في الرمال”، وهذا يعكس كيف أن سطح المريخ لا يزال يتغير باستمرار بفعل الرياح.
تشير الدراسات إلى أن هذه التموجات الطويلة، والتي يصل ارتفاعها إلى حوالي متر، تعود إلى زمن كانت فيه أجواء المريخ أكثر كثافة حيث كانت الرياح أكثر قوة، ومع مرور الزمن، استقر العديد من هذه الكثبان نسبياً بعد تغطيتها بحبيبات خشنة وغبار ساعد في تثبيتها، ومع ذلك، تكشف الملاحظات أن هذه التموجات تتحرك ببطء، حيث لا تتجاوز سرعتها متراً واحداً كل تسع سنوات أرضية، على عكس الكثبان الرملية على الأرض التي تتغير بشكل أسرع بفعل الرياح، ويعتقد العلماء أن هذه الظواهر تحمل أدلة مهمة حول المناخ المتغير للكوكب الأحمر، وقد تشير إلى تفاعلات سابقة مع الصقيع أو الطبقات الجليدية القديمة.
في سياق رحلة برسيفيرانس لفك الألغاز المريخية، وصلت المركبة إلى موقع كيرلاجونا الرملية وبدأت تبحث بصورة تفصيلية في التربة والتموجات، حيث قامت أدواتها، مثل كاميرات SuperCam و Mastcam-Z، بالتقاط صور قريبة للتموجات، كما قامت أنظمة الطقس MEDA بقياس سرعة الرياح ودرجات الحرارة، وركز العلماء على تحليل تركيب الحبيبات الرملية ورصد أي قشور ملحية قد تكشف عن آثار للرطوبة أو الصقيع في الماضي.
تساعد هذه الأبحاث في استكمال عمل المركبة على دراسة الصخور القديمة، مما يمنح العلماء فهماً مزدوجاً لماضي المريخ وحاضره، كما أن معرفة طبيعة التربة والغلاف الجوي للكوكب الأحمر تعتبر أمراً أساسياً للتحضير لبعثات الاستكشاف البشرية المستقبلية، التي قد تعتمد على موارد محلية للبقاء، ويُعتبر هذا التحقيق بمثابة “بروفة علمية” قبل أن تصل المركبة إلى حقل تموجات أكبر في مسارها القادم.