
في ظل تزايد سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، تسعى شركة مايكروسوفت بكل طاقتها لجذب أفضل الخبرات من ميتا. وتستفيد الشركة من ميزانية ضخمة وضعت من خلالها قائمة بأبرز المهندسين والباحثين في ميتا، كجزء من استراتيجية توظيف طموحة تهدف لمنافسة الرواتب العالية التي تقدمها ميتا، أو تجاوزها.
تشير الوثائق الداخلية التي اطلع عليها موقع Business Insider إلى أن مايكروسوفت قامت بجمع معلومات تفصيلية عن موظفي ميتا في مجال الذكاء الاصطناعي، تشمل الاسم والوظيفة والموقع. وتصنف هذه الأسماء على أنها “مواهب حرجة في مجال الذكاء الاصطناعي”، مما يسمح لمايكروسوفت بإصدار عروض توظيف خلال 24 ساعة، مسايرةً للرواتب الجاذبة التي تقدمها ميتا.
تم الإبلاغ عن أن مثل هذه العروض أصبحت شائعة أكثر في سوق العمل التنافسي للذكاء الاصطناعي. فقد أشار سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، إلى أن الخبراء المميزين في ميتا يمكنهم الحصول على مكافآت توقيع تصل إلى 100 مليون دولار، مع حزم تعويضات تصل إلى 250 مليون دولار.
تحت إشراف مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت، وجاي باريخ، رئيس قسم CoreAI، والذي عمل سابقاً في ميتا، يتم تنفيذ جهود حثيثة لاستقطاب هذه الكفاءات. على الرغم من ذلك، يظل عدد موظفي مايكروسوفت دون تغيير بعد عام من تسريحات واسعة النطاق، التي شهدت تخفيضات كبيرة في عدد الموظفين.
في العام الماضي، قامت مايكروسوفت بإلغاء حوالي 15,000 وظيفة، ابتدأت من يناير بتسريح 1% من قوة العمل بسبب مراجعة الأداء. وبلغت الجولة الأكثر قسوة في مايو، عندما تم إلغاء أكثر من 6,000 وظيفة، تلتها 300 وظيفة أخرى في يونيو، بينما كانت الشركة قد سرّحت بالفعل حوالي 10,000 موظف.
تعكس هذه المعادلة الواقع المنقسم في صناعة التكنولوجيا، ففي الوقت الذي تستثمر فيه مايكروسوفت مبالغ هائلة لجذب أفضل الكفاءات في الذكاء الاصطناعي، تقوم في ذات الوقت بتقليص عدد كبير من الوظائف في مجالات أخرى. يُظهر هذا التناقض التحول الحاد من ازدهار الذكاء الاصطناعي كمصدر للكفاءة إلى ساحة تنافسية شرسة، حيث قد تتطلب استقطاب الكفاءات المناسبة استثمارات تصل إلى مئات الملايين، بينما يواجه العديد من العاملين خطر التسريح. تُصرّ مايكروسوفت على أن هذه التسريحات جزء من إعادة هيكلة شاملة.
في ظل هذه التغيرات، يُشير مراقبو القطاع إلى أن الأتمتة المدفوعة بالذكاء الاصطناعي أصبحت عنصراً غير مُعلن في هذا السياق، إذ لم يعد يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كمحرر للعمال من الأعمال المتكررة، بل كتهديدٍ للأمن الوظيفي في العديد من القطاعات.