
أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن قضايا الملكية الفكرية أصبحت أكثر تعقيدًا نتيجة الابتكارات التكنولوجية الحديثة والتحولات السريعة في العالم الرقمي. حيث أفرزت الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي تحديات جديدة للأنظمة القانونية التقليدية، مثل حماية الإبداعات الرقمية والتمييز بينها وبين الإنتاج البشري، بالإضافة إلى ضمان حقوق المبتكرين في بيئات متغيرة. وبناءً على ذلك، بدأت العديد من الدول والمنظمات الدولية في إعادة تقييم سياساتها المتعلقة بالملكية الفكرية لضمان مواءمتها مع متطلبات العصر الرقمي، وتعزيز الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار.
جاء ذلك في تحليل أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حول “الملكية الفكرية”، الذي تناول التعاريف والأهمية، بالإضافة إلى المؤشرات العالمية وتأثير التكنولوجيا الرقمية على حقوق الملكية الفكرية. وأشار التحليل إلى أن المنظمة العالمية للملكية الفكرية عرفت الملكية الفكرية على أنها إبداعات العقل، مثل الاختراعات والأعمال الأدبية والفنية والتصاميم. ويتم حماية هذه الملكية بموجب القانون من خلال براءات الاختراع وحقوق الطبع والنشر والعلامات التجارية، مما يسهل على الأفراد تحقيق منفعة مالية من إبداعاتهم.
يهدف نظام الملكية الفكرية إلى تحقيق توازن بين مصالح المبتكرين والمصلحة العامة، مما يهيئ بيئة مناسبة للإبداع والابتكار. وتتضمن الملكية الفكرية عدة أنواع، منها براءات الاختراع وحقوق الطبع والنشر والعلامات التجارية وغيرها.
أكد التحليل أن حماية الملكية الفكرية تعد ركيزة أساسية لتعزيز القدرات الاقتصادية للدول، حيث تمثل موردًا غير مادي ويساهم في بناء اقتصاد معرفي متقدم. في ظل الأزمات الاقتصادية الحالية، يُعتبر الاقتصاد الإبداعي، المدفوع بالابتكار والإنتاج الفكري، أحد الحلول لتحفيز النمو والتعافي.
تعتبر حماية حقوق الملكية الفكرية محفزًا رئيسيًا للإبداع، حيث تضمن للمخترعين حقوقهم المادية والمعنوية، ما يشجعهم على استمرارية الإبداع والتطوير. كما أن الموارد الفكرية أصبحت تمثل ثروة لا تقل أهمية عن الموارد الطبيعية، خاصة مع ازدياد الاعتماد على البحث والتطوير في إنتاج سلع عالية القيمة.
أوضح التقرير أن تسارع التطورات العلمية والتكنولوجية قد جعل من الملكية الفكرية ساحة تنافس عالمي. ووفقًا لتقرير مؤشرات الملكية الفكرية العالمية لعام 2024، استمر النشاط الابتكاري في النمو رغم التحديات.
وسجلت براءات الاختراع زيادة في الطلبات، حيث بلغت نحو 3.55 ملايين طلب عالميًا في عام 2023. واحتلت منطقة آسيا المرتبة الأولى من حيث عدد الطلبات، تليها أمريكا الشمالية وأوروبا. وكانت الصين في الصدارة بعدد 1.678 مليون طلب.
وعلى صعيد العلامات التجارية، شهدت تسجيل علامات تجارية عالمية تراجعًا طفيفًا خلال العامين الأخيرين، رغم أن الأنشطة لا تزال تدل على قوة مستمرة. استحوذت الصين على 47.16% من إجمالي الطلبات، مع تصدر الولايات المتحدة وروسيا والهند للترتيب.
وبالنسبة للتصاميم الصناعية، شهدت الطلبات زيادة ملحوظة في العام 2023، بعد تراجع طفيف في 2022، مما يدل على انتعاش نسبي في حركة الإبداع.
أما في مجال الأصناف النباتية، فقد شهدت الطلبات زيادة مستمرة، حيث قدم نحو 29.07 ألف طلب في 2023.
في مجال المؤشرات الجغرافية، تم تسجيل حوالي 58.6 ألف مؤشر في عام 2023، مع تصدُّر أوروبا في هذا المجال.
أشار المركز إلى أن المحتوى الرقمي قد شكل تحديًا لحقوق الملكية الفكرية نتيجة سهولة النسخ والتوزيع، مما يستدعي مزيدًا من الجهد لإعادة النظر في حماية الأعمال الرقمية. كما تضررت صناعة الموسيقى من هذا التغيير، حيث أدت التحولات في استهلاك المحتوى إلى صعوبة تتبع استخدام الحقوق.
من الجدير بالذكر أن التحديات المتعلقة بحماية العلامات التجارية قد ازدادت بسبب الطبيعة العالمية للإنترنت، مما يستدعي استراتيجيات قانونية فعالة.
بينما أدى التسارع في الابتكار الرقمي إلى تساؤلات حول جودة البراءات، مما يتطلب مواكبة المتغيرات بشكل قانوني فعال.
على صعيد المسؤولية القانونية، يتزايد حجم المحتوى الذي ينشئه المستخدمون على منصات مثل يوتيوب وإنستجرام، مجسدًا تحديًا كبيرًا لحماية حقوق الملكية الفكرية.
تولي الدولة المصرية اهتمامًا خاصًا بمنظومة الملكية الفكرية كجزء من استراتيجياتها الوطنية، حيث أطلقت استراتيجيتها الوطنية للملكية الفكرية (2022-2027) لتطوير البنية القانونية والمؤسسية. وقد حرصت على تحديث القوانين ذات الصلة وتعزيز الحوكمة في هذا المجال.
يهدف الجهاز المصري للملكية الفكرية إلى تنظيم وحماية الحقوق بما يتوافق مع الالتزامات الدولية، وتحقيق توازن بين الحقوق التنموية والاقتصادية.
تواجه مصر تحديات جديدة مع توسع المشهد الرقمي، وهو ما يتطلب من المتخصصين تطوير مهاراتهم وفهم الجوانب القانونية والتقنية لضمان الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية وتعزيز ثقافة الابتكار.