الإفراج عن حميدان التركي: قصة انتظار العدالة
في مايو 2025، شهد ملف حميدان التركي، المواطن السعودي الذي أمضى نحو 20 عامًا خلف القضبان في سجون ولاية كولورادو الأمريكية، تحولًا غير متوقع حين أعلنت السلطات الأمريكية الإفراج عنه بعد إعادة النظر في قضيته وإلغاء الحكم السابق. تعددت الأسئلة حول مسيرته، حيث أصبح حميدان رمزًا لقضية حقوقية تهم ملايين الناس على الصعيدين المحلي والدولي.
تاريخ حميدان التركي ومسيرته الأكاديمية
وُلد حميدان التركي في عام 1969 في المملكة العربية السعودية، وترعرع في بيئة علمية. بدأ مسيرته الأكاديمية بالالتحاق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومن ثم حصل على بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة في عام 1995 للدراسات العليا في علم الصوتيات واللسانيات. وقد انتقل إلى كولورادو مع زوجته سارة الخنيزان وأولاده، حيث التحق بجامعة دنفر وأنهى دراسته بحصوله على درجة الماجستير بمرتبة الشرف الأولى، مما جعله من الطلاب السعوديين المميزين أكاديميًا. بالإضافة إلى ذلك، أطلق مشروعًا ثقافيًا بعنوان “دار البشير للنشر والترجمة”، يهدف إلى نشر الكتب الإسلامية المترجمة للجاليات المسلمة في الغرب.
تبدأ محنته في نوفمبر 2004 حين أُوقف من قبل السلطات الأمريكية، بالتزامن مع اتهامه وزوجته بالمخالفات القانونية. في يونيو 2005، ألقي القبض عليهما مجددًا بعد بلاغ من خادمة إندونيسية كانت تعمل في منزلهما. رغم نفيهما للاتهامات، تطورت القضية لتصبح محاكمة جنائية قدمت خلالها دعاوى ضد التركي فقط بعد إسقاط الاتهام عن زوجته.
في 31 أغسطس 2006، أصدرت محكمة أراباهو حكمًا بالسجن 28 عامًا بحق حميدان بسبب إساءة معاملة الخادمة، الاحتجاز غير القانوني، وسرقة مستحقات مالية. أحدث الحكم جدلاً كبيرًا، إذ أشار فريق الدفاع إلى عيوب قانونية واضحة، منها تجاهل الفروقات الثقافية والدوافع العنصرية التي قد تكون خلف الاتهامات.
تقدمت محاميته بالعديد من طلبات الاستئناف. وفي 2011، تم تعديل الحكم إلى 8 سنوات، وبعد انتهاء فترة العقوبة، استمر احتجازه الإداري بسبب رفض طلبات الإفراج المشروط حتى مايو 2025، حيث أُفرج عنه بموجب اتفاق بين الادعاء والدفاع مع تسليمه لإدارة الهجرة لترحيله إلى بلاده.
تفاعل المجتمع المحلي والدولي بشكل إيجابي مع خبر الإفراج عنه، حيث شهدت وسائل التواصل الاجتماعي حملات تضامن مع قضيته على نحو واسع. انتشرت هاشتاغات ودعوات للمشاركة في دعم حقوقه، وشهدت القضية تأييد مجموعة من الشخصيات البارزة.
قضية حميدان التركي بالغت في التأثير على النقاشات القانونية والثقافية حول حقوق المتهمين الأجانب في الأنظمة القانونية الغربية. ومع عودته إلى وطنه، فإن تجربته تظل جزءًا من نقاش أوسع حول العدالة والمساواة، مما يجعل قصته واحدة من القضايا التي لن تُنسى بسهولة.