عند مراجعة تشكيلات الحكومات الأردنية في السنوات الأخيرة، نجد أن التعديلات الوزارية باتت أقرب إلى “طقس سياسي” أكثر من كونها أداة للتحديث الفعلي. حكومة بشر الخصاونة شهدت خمس تعديلات متعاقبة، دون أن تطرأ أي تغييرات جذرية في التوجهات أو أسلوب العمل. في حكومة عمر الرزاز، على الرغم من الوعود بالإصلاح، بقي 16 وزيرًا من حكومة سابقتها. أما الحكومة الحالية برئاسة الدكتور جعفر حسن، التي تم تشكيلها في سبتمبر 2024، فقد جددت عددًا من الوجوه من الحكومات السابقة، مما يعكس هذا الاتجاه المستمر.
التغييرات وزارية لا تعني بالضرورة تحولًا في الرؤية أو النهج؛ بل غالبًا ما يتم إعادة توزيع الأدوار داخل الحلقة الضيقة للنخبة. ورغم أن هذه التعديلات تأتي مع الحديث عن “رؤية إصلاحية”، إلا أن آليات اختيار الوزراء لا تزال غامضة. من الناحية الدستورية، يُكلف الملك رئيس الوزراء ليقوم بتشكيل الحكومة بناءً على اقتراحه، لكن الواقع يشير إلى أن اعتبارات مثل التوازنات الجغرافية والحسابات السياسية تلعب دورًا مركزيًا في عملية التعيين.
المثير للانتباه هو أن العديد من الوزراء يتنقلون بين حقائب وزارية لا تتعلق بخبراتهم الأصلية، وبعضهم يعود بعد غياب طويل دون تقييم واضح لأدائهم السابق. هذا الغياب للشفافية والمساءلة يعزز قناعة عامة بأن المناصب الوزارية تُمنح بناءً على اعتبارات سياسية وليس على أساس الكفاءة.
ما ينقص المشهد السياسي الأردني ليس فقط الوجوه الجديدة، بل هو الحاجة إلى تغيير جذري في فلسفة الإدارة الحكومية. في الدول التي تديرها أنظمة حزبية، يتم اختيار الوزراء بناءً على برامج انتخابية والتزامات تجاه البرلمان والرأي العام. في الأردن، حيث تفتقر الحكومات إلى برلمانات منتخبة، تتحول التعديلات إلى تغييرات إدارية لا تمس جوهر السياسات ولا تعكس الإرادة الشعبية.
ختامًا، على الرغم من أن التعديل الوزاري الأخير، والذي شهد دخول بعض الأسماء الجديدة، لا يدل على تغير جوهري في إدارة الدولة أو فلسفة العمل العام، فإن الأردن بحاجة إلى مراجعة شاملة لمعايير تشكيل الحكومات وآلية اختيار الوزراء، وتفعيل ربط المناصب بالمسؤولية والمساءلة. السؤال الذي يفرض نفسه: هل يمكننا تحويل الحكومات إلى مؤسسات حقيقية قادرة على صناعة القرار وتنفيذ الإصلاح؟ وهل يوجد لدينا الإرادة السياسية لكسر حلقة التكرار وإدخال كفاءات وطنية جديدة تمتلك الرؤية والقدرة على إحداث الفارق؟
التعديل الوزاري في الأردن: الحاجة إلى إصلاح شامل
إن التعديل الوزاري الأردني الأخير يعكس مسارًا يتطلب إعادة التفكير في كيفية إدارة البلاد، وليس مجرد تبديل للأسماء. من الضروري العمل على تطوير آليات أكثر فعالية تسمح بتوظيف الكفاءات الحقيقية وتحقيق الشفافية اللازمة في اختيار الوزراء.
إعادة النظر في الهيكلية الحكومية الأردنية
تواصل الحكومة الأردنية البحث عن حلول جذرية للأزمات السياسية والاقتصادية، وهذا يتطلب تصميم برامج واضحة تلبي احتياجات المواطنين وتضمن مشاركة المجتمع في صنع القرار.