دراسة تأثير الفضاء على صحة الرواد: فقدان العظام وتكيف الدماغ

واصل فريق البعثة 73 العمل على متن محطة الفضاء الدولية بتنفيذ مجموعة من التجارب العلمية الهادفة لفهم تأثير انعدام الوزن على صحة الإنسان، وذلك تمهيدًا لرحلات أطول وأكثر أمانًا إلى الفضاء العميق، وشملت هذه الأبحاث دراسة فقدان العظام، وتكيف الدماغ في ظل ظروف انعدام الجاذبية، بالإضافة إلى فحوصات طبية متقدمة وأعمال صيانة للمحطة وتجارب تعليمية متنوعة

لا شك أن دراسة فقدان العظام في الفضاء تشكل نقطة محورية في الأبحاث العلمية، حيث أجرى رائد الفضاء الأمريكي جونى كيم تجربة متقدمة على خلايا العظام الجذعية داخل مختبر Kibo باستخدام صندوق القفازات الحيوية، وتهدف تلك الدراسة إلى الكشف عن الأساس الجزيئي لتدهور العظام في بيئة الفضاء، حيث يُلاحظ أن الرواد يفقدون كتلة العظام بمعدل أسرع بكثير مقارنة بعملية الشيخوخة على الأرض، وهذا قد يساعد في تطوير حلول لحماية الهيكل العظمي في المدار وإمكانية ابتكار علاجات جديدة لأمراض العظام على كوكبنا

في سياق متصل، قاد رائد الفضاء الروسي أوليغ بلاتونوف تجربة مبتكرة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي لدراسة كيفية تكيف الدماغ مع ظروف انعدام الجاذبية، حيث تركز الأبحاث على التوازن والتنقل المكاني، مما قد يساعد في تجهيز رواد الفضاء للمهام الطويلة المقبلة، ويحتمل أن تسهم النتائج في تطوير طرق علاجية جديدة للاضطرابات العصبية على الأرض

من جهتها، أجرت رائدة الفضاء الأمريكية زينا كاردمن اختبارًا لأنظمة حزم الدفع لبدلات الفضاء داخل غرفة معادلة الضغط “كويست”، وهي أنظمة تهدف إلى إعادة الرواد إلى المحطة في حالة انفلاتهم أثناء السير في الفضاء، كما قامت بالمساهمة في صيانة أنظمة تنقية ثاني أكسيد الكربون، وتعاونت مع زملائها مايك فينك وكيميا يوى لإجراء فحوصات بالموجات فوق الصوتية على العين، حيث قام الأطباء من الأرض بمتابعة التغيرات في العصب البصري والقرنية والعدسة في الوقت الفعلي

أما على الجانب الآخر، فقد أشرف القائد سيرجى ريجيكوف على صيانة نظام التهوية في وحدة “زفيزدا”، والتقط صورًا لمعالم بارزة في أستراليا وأمريكا الجنوبية، بينما قام رائد الفضاء أليكسى زوبريتسكى بفك معدات الملاحة من مركبة الشحن “بروجريس 92″، قبل أن ينضم إلى بلاتونوف لتصوير مقطع تعليمي عن الحركة في الفضاء

تؤكد كل هذه الأبحاث وتلك الأعمال اليومية أن محطة الفضاء الدولية تظل مختبرًا فريدًا لاختبار حدود جسم الإنسان في الفضاء، مما يفتح الآفاق لتحقيق تقنيات طبية وهندسية تجعل الرحلات المستقبلية نحو القمر والمريخ أكثر أمانًا واستدامة.