في أجواءٍ تحمل معها مشاعر الفرح بالعودة، وذكريات الوطن، استعد مئات الأشقاء السودانيين للعودة إلى وطنهم بقطار جديد خصص للعودة الطوعية، حيث كانت الرحلة أكثر من مجرد انتقال بين المحطات، بل شكلت بداية جديدة لحياة نحو 940 مواطنًا سودانيًا، الذين غادروا خلفهم شهورًا من الحب والرعاية في مصر، التي احتضنتهم في ظل ظروف صعبة، وأعطتهم الأمان كأهل، وليس كزوار. من رصيف رقم 8 بمحطة مصر برمسيس، انطلق القطار رقم (1940) في الحادية عشرة صباح يوم الجمعة 29 أغسطس 2025، وذلك في إطار مبادرة إنسانية مصرية تهدف إلى نقل الأشقاء إلى محطة السد العالي بأسوان، حيث تبدأ خطوات العودة إلى الديار بسلام وأمان.
شكر وامتنان
لم تكن تلك اللحظة مجرد سفر، بل كانت تجسيدًا للإنسانية، اختزلت دموع الفرح في مشاعر الحنين. عبر عدد من المواطنين السودانيين عن شكرهم لمصر حكومةً وشعبًا، حيث قال أحدهم: “شكرًا مصر أم الدنيا، لقد كانت فترة استقبلتنا خلالها بكل ترحاب وحب ومعاملة جيدة”.
وأكد مواطن سوداني آخر: “مغادرتنا اليوم تعبر عن بداية جديدة من الاستقرار والأمان، فالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي، وسنظل دائمًا نذكر هذه الوقفة لإخوتنا”. وأضاف مواطن ثالث: “لا أستطيع أن أفي مصر حقها، أشكر الشعب المصري على حسن الاستقبال في هذه الظروف الحرجة”.
دعم رسمي ورعاية متكاملة
في سياق الجهود التي تبذلها الدولة المصرية لدعم الأشقاء، قامت الهيئة القومية لسكك حديد مصر بتسيير هذا القطار كجزء من مبادرة مستمرة تهدف لمساعدة السودانيين الذين يرغبون في العودة الطوعية إلى بلادهم. ووجه الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصناعة والنقل، بتوفير جميع الخدمات الأساسية وسبل الراحة للركاب، مما يضمن لهم رحلة سفر كريمة ولائقة.
ووفقًا للهيئة، فقد بلغ عدد المواطنين السودانيين الذين تم نقلهم عبر هذه المبادرة حوالي 8608 مواطنين حتى الآن، بمتوسط 940 راكبًا في كل رحلة، مما يعكس نجاح التنظيم وروح التعاون التي طغت على هذه المبادرة منذ انطلاقها.
روابط إنسانية أصيلة
ستصل الرحلة إلى محطة السد العالي بأسوان في تمام الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق مساء اليوم، حيث سيتم اتخاذ إجراءات خاصة لتسهيل انتقال الركاب إلى الأراضي السودانية، في مشهد يجسد عمق الروابط التاريخية والإنسانية بين شعبينا المصري والسوداني.
ومن المتوقع أن يعود القطار نفسه برقم (1945) من أسوان إلى القاهرة مساء غدٍ السبت في الساعة الثامنة والنصف، ليصل إلى محطة مصر صباح يوم الأحد 31 أغسطس، ليستأنف خدمته لجمهور الركاب. وتؤكد الهيئة القومية لسكك حديد مصر حرصها على مواصلة هذه المبادرة وتقديم كل التسهيلات الممكنة للأشقاء السودانيين، في رمزية حقيقية تعكس أواصر الأخوة والتضامن العميقة بين مصر والسودان.