استثمار أجنبي في الدول العربية
كانت الدول العربية تميل إلى تجنب الاستثمار الأجنبي خشية التدخل في شؤونها الداخلية، خاصة أنها كانت تتعافى من آثار الاستعمار. وقد كانت لديها نظرة مشوبة بالريبة تجاه الاستثمارات العربية المشتركة وغير المشتركة، وذلك بسبب التنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. انقسمت الدول العربية بين مؤيدة للاتحاد السوفياتي وأخرى للولايات المتحدة، مما أدى إلى تدخل الحلفاء في دعم مشاريع معينة وإفشال أخرى بحكم الانحياز السياسي، وهو ما أخر مفهوم الاستثمارات العربية المشتركة بشكل عام.
التعاون الاقتصادي
إن هذه الانقسامات السياسية أسفرت عن ضعف الحلول السياسية بين الدول العربية، وسببت تحديات للجامعة العربية، بينما كانت طموحات بعض الزعماء العرب غير موثوقة. البعض دعا إلى الوحدة والآخر إلى الاتحاد، غير أن هذا لم يكن مدعوماً بأسباب منطقية.
طرحت مقترحات من بعض الشخصيات الحكيمة بأهمية التكامل بدلاً من الوحدات السياسية، حيث يجب التركيز على الجوانب الاقتصادية من خلال مشاريع مشتركة والتشريعات المطلوبة لحماية المستثمرين.
ومع عصر العولمة، ازدادت أهمية المشاريع المشتركة بين الدول، لكن العالم العربي تأخر في هذا الاتجاه. تعاني نصف الدول العربية من صعوبات أدت إلى التدخلات الإقليمية التي أثارت الصراعات الطائفية وميزت بين الشعوب. على سبيل المثال، التدخل الذي قام به “حزب الله” في سوريا زاد من حدة الصراع، بينما ظاهر الأمر تهديدات محتمَلة لاستقرار لبنان.
غير أنه يجب على الدول العربية تغيير نهجها والاستثمار في التعاون العربي الداخلي. الزيارة الأخيرة لوفد سعودي إلى سوريا مع وزير الاستثمار خالد الفالح وأعضاء من مجتمع الأعمال تعتبر خطوة إيجابية نحو عودة الحياة الاقتصادية لسوريا. يتعين على الدول العربية التي تحتاج إلى استثمار رأس المال أن تُعزز قوانينها لضمان حماية حقوق المستثمرين.
يمكن أن تُسهم الاستثمارات المتبادلة في تحقيق تفاهم سياسي من خلال تجاوز الأطراف للمشكلات الصغيرة التي قد تنشأ نتيجة للتعاون. فتأمين هذه الاستثمارات يعود بالنفع على جميع الأطراف، ويفتح أبواباً لتوليد فرص عمل جديدة ويساهم في استقرار الاقتصاد الوطني.
عندما يتوضح لجميع الفاعلين في الاقتصادات العربية فوائد الاستثمارات، سيكون هناك دافع أكبر لحمايتها وتجاوز العقبات البسيطة عبر التفاهم والمفاوضات. وبما أن العالم العربي بحاجة للتواصل مع العالم الخارجي، فإننا نشهد أيضاً زيارة وفد اقتصادي سعودي رفيع إلى الصين في ظل زيادة التبادل التجاري بين الدول العربية والصين، مما يشير إلى أهمية إقامة مناطق لوجيستية تخدم التجارة لمستقبل أفضل.
آمل أن يكون التعاون بين السعودية وسوريا نموذجًا يحتذى به لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية، بما يسهم في استقرارها وازدهارها. فإن تحقيق الرفاهية الاقتصادية للشعوب يتطلب تفاعلًا متبادلًا بين الدول العربية في مجالات الاستثمار والخبرة، دون وجود عوائق تمنع من استثمار تلك الفرص.