غسالة فضائية مبتكرة: تنظيف بدون منظفات باستخدام الضباب والأوزون

لطالما كانت مسألة الغسيل تمثل تحديًا كبيرًا لرواد الفضاء، إذ تفتقر الفضاءات إلى غسالات ومياه كافية، مما يجبر الرواد على ارتداء الملابس حتى تتلف ثم التخلص منها، ولكن قد تقترب هذه المعاناة من نهايتها بفضل التقنية الجديدة التي طورتها الصين، والتي تعتمد على الضباب والأوزون بدلاً من المنظفات.

كشف مركز الصين لأبحاث وتدريب رواد الفضاء عن جهاز صغير الحجم يخلو من المنظفات، حيث يأتي هذا الابتكار بشكل مكعب ويزن حوالي 12 كيلوجرام، أي أنه أكبر بقليل من حقيبة سفر عادية، ويعمل بطريقة مبتكرة تتيح تنظيف الملابس في بيئة تفتقر إلى الموارد.

تعود المشكلة الرئيسية في تلك الأماكن إلى ندرة المياه، فكل قطرة تُستخدم في محطة الفضاء الدولية أو محطة “تيانغونغ” الصينية تُعاد تدويرها بعناية للاستخدام في الشرب أو النظافة، وهو ما يجعل من المستحيل تخصيص كميات مياه للغسيل، ولا يزال نقل المياه من الأرض مكلفًا للغاية.

على الرغم من عدم وجود طين أو أوساخ في الفضاء، إلا أن الملابس تتسخ سريعًا بسبب العرق الناتج عن التمارين اليومية، وغالبًا ما يقوم الرواد بحزم ملابسهم المتسخة لإرسالها إلى الأرض عبر كبسولات شحن تحترق في الغلاف الجوي، ولهذا تبحث وكالات الفضاء منذ سنوات عن حلول عملية لغسل الملابس في المدار.

تضمنت المحاولات السابقة تجربة لشركة “تايد” عام 2021 باستخدام منظف خاص ومناديل مبللة على متن محطة الفضاء الدولية، بالإضافة إلى اقتراح لشركة “ألتراسونيك” عام 2023 باستخدام الاهتزازات مع القليل من الماء، إلا أن هذه الأساليب لم تفلح في القضاء تمامًا على البكتيريا.

تعتمد التقنية الصينية الجديدة على استخدام 400 مل فقط من الماء في كل دورة غسيل، يتم رشها كرذاذ فائق الدقة، وهو ما يكفي لتنظيف نحو 800 جرام من الملابس، وبدلاً من المنظفات، يولد الجهاز الأوزون ويستخدم الضوء فوق البنفسجي لتعقيم الملابس حتى خمسة استخدامات متعاقبة.

تم تصميم الجهاز ليتوافق مع ظروف الجاذبية الصغرى، مما يمنع تجمع السوائل أو تلوث مياه الصرف بالصابون، حيث تستغرق دورة الغسيل 30 دقيقة داخل غرفة مغلقة، يتم خلالها رش الرذاذ، وإطلاق الأوزون للتطهير، ثم تجفيف الملابس بواسطة الهواء الساخن الذي يحلل الأوزون، وتعمل المستشعرات والفلاتر على ضمان عدم انبعاث أي غازات أو قطرات ضارة.

أظهرت المحاكاة أن الجهاز قادر على تحقيق تعقيم بنسبة 99.9%، وقد تم تصميمه ليعمل لمدة 5 سنوات على الأقل، مع وجود خطط لتطوير نماذج أولية أكثر كفاءة تناسب المهام الطويلة الأمد، ويؤكد الباحثون أن هذا الابتكار قد يقلل وزن الملابس المطلوبة للرحلات الفضائية بنسبة تتجاوز 60%.