
مصر تسعى بشكل جاد لتحقيق هدفها الطموح بالانضمام إلى قائمة أكبر 10 دول مصدّرة للذهب والمشغولات الذهبية عالميًا بحلول عام 2027. يأتي ذلك في ظل زيادة ملحوظة في حجم صادرات الذهب، مدعومةً باستراتيجية شاملة من الحكومة والقطاع الخاص.
في السنوات الأخيرة، تغيرت النظرة تجاه الذهب من كونه مجرد منتج فاخر أو مخزون استراتيجي إلى كونه مصدرًا رئيسيًا للدخل القومي وداعمًا للصناعات التصديرية. هذا التحول تجلى في بيانات حقيقية، حيث ارتفعت صادرات الحلي والذهب والمعادن الثمينة بنسبة 194% خلال النصف الأول من عام 2025، إذ بلغت 3.93 مليار دولار مقابل 1.34 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، حسب تقارير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.
الإمارات تحتل المرتبة الأولى في استيراد الذهب المصري بقيمة 3.2 مليار دولار، تليها سويسرا بـ 705 ملايين دولار، بينما حصلت كندا وتركيا ولبنان وإيطاليا والسعودية على كميات أقل. وقد تميزت صادرات مصر بتنوعها بين الحلي والذهب والفضة والأحجار الكريمة، مع زيادة ملحوظة في صادرات الفضة.
إيهاب واصف، رئيس شعبة الذهب والمعادن الثمينة باتحاد الصناعات، أشار إلى أن هذه الزيادة تعكس تحول الصناعة المصرية واستجابتها للطلب العالمي المتزايد على الذهب كأداة استثمارية آمنة في ظل الأزمات الجيوسياسية. كما تطرق إلى أهمية تحسين جودة التصنيع والتصميمات، والمشاركة في المعارض الدولية، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانة المنتج المصري.
كما أوضح واصف أن تصنيف مصر في صادرات المشغولات الذهبية انتقل من المركز 94 عالميًا في 2022 إلى المركز 54 بحلول نهاية 2023، مع خطط لدخول نادي الكبار بحلول 2027. ومن بين القرارات الحكيمة، تم تمديد فترة سداد حصيلة التصدير إلى 75 يومًا، ما ساعد في تخفيف الضغوط على المصدرين.
تتبع شعبة الذهب والمعادن الثمينة استراتيجية واضحة لزيادة الصادرات بنسبة 25% سنويًا حتى عام 2030، بما يتماشى مع هدف الدولة للوصول بالصادرات المصرية إلى 145 مليار دولار. ترتكز هذه الاستراتيجية على تحسين التصميمات وجودة التصنيع، وتسهيل التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى إنشاء مدينة متخصصة لصناعة الذهب.
تشمل الخطة أيضًا تدريب الكوادر الفنية، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية أمام المصدرين، وتقديم حوافز مثل خفض رسوم التثمين والدعم اللوجستي. كما تعمل الشعبة على دراسة متطلبات الأسواق المستهدفة وتعزيز الترويج الخارجي وبناء علاقات تجارية مع الأسواق الواعدة في آسيا وأوروبا والدول العربية.
اللواء عماد الألفي، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، أكد أهمية تكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق هذه الأهداف. فبالإضافة إلى الدعم الفني والمالي، تسعى الدولة لتعزيز حضور مصر في المعارض الدولية وتقديم محفزات بيئية تشريعية.
تتوقع الاستراتيجيات الجديدة أن يسهم هذا القطاع في خلق فرص عمل جديدة بفضل كثافة العمالة فيه، مما إضافة بُعد اجتماعي مهم لتلك الاستراتيجية. وبالنظر إلى التقدم الأخير، يبدو أن مصر تزداد قوة كفاعل رئيسي في سوق الذهب العالمية، مع توقعات بمواصلة هذا النمو. مع استمرار الدعم الحكومي والتوسع الصناعي، يبدو أن القاهرة تتجه لتكون مركزًا إقليميًا لتصنيع وتصدير الذهب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وربما واحدة من كبار المصدرين عالميًا في ما لا يزيد عن عامين.