معدن ثوري لمواجهة تحديات الفضاء القاسي

في إنجاز علمي يعد بمثابة تغيير جذري في استخدام المعادن، أعلن باحثون عن ابتكار سبيكة معدنية فريدة تتمتع بقدرة مذهلة على مقاومة التشقق وفقدان المتانة حتى في أقسى الظروف الجوية، كما هو الحال في الفضاء العميق أو في أنظمة الوقود المبردة، وتعتبر هذه السبيكة علامة فارقة في المجال العلمي والتقني.

تُظهر المعادن التقليدية هشاشة واضحة عند تعرضها لدرجات حرارة منخفضة، حيث كشفت الاختبارات التي أُجريت على الفولاذ المستخدم في بناء سفينة تيتانيك أنه أصبح أكثر هشاشة عشر مرات عند درجات حرارة التجمد مقارنة بالفولاذ الحديث، ومع ذلك، فإن الدراسة الحديثة التي نُشرت في دورية Nature العلمية تسلط الضوء على سبيكة من الكوبالت والنيكل والفاناديوم، والتي تم هندستها على المستوى الذري، مما يضمن استمرارية قوتها ومرونتها عند درجات حرارة تصل إلى –186 درجة مئوية.

اعتمد الباحثون في دراستهم على تقنيات المعالجة الحرارية والتشكيل الميكانيكي، حيث دفعت هذه التقنيات الذرات داخل السبيكة للاصطفاف في نمط مزدوج، أحدهما قصير المدى والآخر طويل المدى، هذه التركيبة الفريدة تعرقل نمو الشقوق داخل المعدن، وتمنحه القدرة الفائقة على امتصاص الإجهاد والبقاء مرنًا حتى في الظروف القاسية.

عند إجراء اختبارات الشد عند درجات حرارة –186°C، أظهرت السبيكة قدرة استثنائية على مقاومة التشقق، حيث احتفظت بقوتها وقدرتها على تحمل الضغوط الكثيرة دون أن تنهار، مما يدل على جودتها الفائقة مقارنة بوسائل وتقنيات المعادن التقليدية.

تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة لتطبيقات عملية مهمة، لا سيما في مجال صناعة الفضاء، حيث يمكن استخدام هذه السبيكة في تصنيع مكونات المركبات الفضائية التي تتحمل برودة الفضاء الخارجي، بالإضافة إلى استخدامها في تعزيز البنية التحتية لتقنيات الوقود المبرد مثل خزانات الغاز الطبيعي المسال (LNG) أو خطوط الأنابيب.

فضلًا عن ذلك، يمكن أيضًا استغلال هذه السبيكة في أنظمة تخزين الهيدروجين أو الأكسجين المبرد، مما يجعلها مادة واعدة لمستقبل الطاقة وابتكارات الرحلات الفضائية، ويرى العلماء أن هذه التقنية قد تمهد الطريق لتطوير سبائك جديدة تتمتع بخصائص غير مسبوقة في مواجهة الظروف المنخفضة الحرارة.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Join Telegram