في أروقة الحرم المكي الشريف، حيث تتعالى أصوات التلاوات العذبة من مختلف أنحاء العالم، يقف عبد المحسن إبراهيم، الشاب الذي قدم من دولة توغو، متوشحًا بوقار الحافظ لكتاب الله، يشارك في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم. لكن خلف هذه اللحظة الرائعة تكمن قصة إيمانية بدأت منذ سنوات، بدأت بهدية صغيرة من والده، لتصبح حكاية حياة كاملة.
رحلة الإيمان مع القرآن الكريم
يروي عبد المحسن ذكرياته قائلاً: “عندما تخرج والدي من الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، عاد إلى بلدنا واحتفظ بمصحف مبارك كهدية من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. كان ذلك المصحف يعني له الكثير، وعندما عدت إلى المنزل في أحد الأيام، سلمني إياه قائلاً: هذا لك، احفظه في قلبك قبل أن تحفظه بين يديك”.
بهذا المصحف المبارك، بدأ عبد المحسن رحلته في حفظ القرآن، صفحة تلو الأخرى، إلى أن أتمّ حفظ القرآن كاملاً بفضل الله. يقول بابتسامة تعكس الامتنان: “لقد كان ذلك المصحف هو المفتاح لرحلتي، وفضل الله عليّ أن جعلني من الحفظة، وأشكر والدي الذي غرس في قلبي حب القرآن، وأشكر وزارة الشؤون الإسلامية في المملكة العربية السعودية على جهودها العظيمة في خدمة كتاب الله والعالم الإسلامي”.
يومًا بعد يوم، يجد عبد المحسن نفسه في أطهر بقاع الأرض، ينافس نخبة الحفظة من أنحاء المعمورة، مؤكدًا أن كل صفحة حفظها كانت خطوة تقربه من هذه اللحظة المباركة. ينهي حديثه بدعاء مؤثر: “أسأل الله أن يبارك في أعمار من يخدمون القرآن، وأن يجعلني ممن يعملون به ويعلّمونه”.
مسابقات القرآن الكريم في السعودية
تعتبر مسابقات حفظ القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية من أبرز الفعاليات التي تعزز من دور الحفظة وتكرمهم. تجسد هذه المسابقات التزام المملكة بخدمة القرآن الكريم، حيث تسعى لتوفير بيئة محفزة تشجع على التعلم والحفظ والتميز. إن هذا النوع من الفعاليات يعكس حرص الحكومة على نشر الثقافة الإسلامية وتعزيز القيم الدينية في المجتمع.
يساهم عبد المحسن في هذه الفعاليات بكل ما يملك من حيوية وإصرار، معبرًا عن شغفه الكبير نحو معرفة القرآن وتعلّمه بإخلاص. إن قصته تمثل نموذجًا ملهمًا ليس فقط للمسلمين في توغو، ولكن للعالم بأسره، حيث يظهر كيف يمكن لشغف واحد أن يتجاوز الحدود ويجمع الناس تحت راية الإيمان والثقافة القرآنية. في ختام حديثه، يبقى عبد المحسن رمزًا للصبر والاجتهاد، في عالم يفتقد أحيانًا للكثير من القيم الإنسانية العظيمة.
تعليقات