
في مركز أبو المطامير بمحافظة البحيرة، كانت هناك فتاة لم تتجاوز السادسة عشر من عمرها تستعد لارتداء فستان الزفاف، بينما تعصف بقلبها أسئلة بلا إجابات. هذه لم تكن المرة الأولى التي تجد فيها نفسها على أبواب حياة زوجية غير مختارة؛ فقد تدخل المجلس القومي للطفولة والأمومة لإنقاذها من مصير مشابه قبل أسابيع قليلة، بعد تلقيه بلاغًا عاجلًا عبر الخط الساخن 16000.
بدأت القصة خلال عيد الأضحى الماضي عندما تم إبلاغ المجلس بأن والد الطفلة ينوي تزويجها قبل أن تبلغ السن القانونية. في تلك اللحظة، تحركت وحدة حماية الطفل في المحافظة بسرعة، واستخرجت تعهدات من والدها بعدم إتمام الزواج، مما أتاح للفتاة العودة لحياتها الطبيعية مؤقتًا. لكن، كما لو أن الزمن عاد للوراء، عادت الأسرة لترتيب الزفاف مجددًا وحددت موعده ليكون في يوم الخميس 14 أغسطس 2025.
المجلس القومي للطفولة والأمومة أوضح أن هذه الحالة ليست فريدة من نوعها، بل هناك طفلة أخرى في مركز أبو تيج بمحافظة أسيوط كانت تواجه مصيرًا مشابهًا، حيث سعى ذووها لتزويجها وهي لا تزال في السادسة عشر. تم استلام بلاغ آخر عبر الخط الساخن يستدعي التدخل السريع لإنقاذها.
كانت الاستجابة هذه المرة حاسمة وسريعة؛ فأصدرت رئيسة المجلس توجيهات باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الطفلتين وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهما. وأكد الدكتور وائل عبد الرازق، الأمين العام للمجلس، أن الحالتين أُحيلتا إلى النيابتين في أبو المطامير وأبو تيج، مع مخاطبة مكتب حماية الطفل والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة بمكتب النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المعنيين بهذا الأمر.
بفضل الجهود المبذولة، تم إحباط تنظيم الزواجين، وتم أخذ تعهدات من الأسر بعدم الإقدام على أي زواج حتى بلوغ الفتيات للسن القانونية. ورغم عودة الطفلتين إلى منازلهما، فإن قصتيهما تعكسان صراعًا مستمرًا ضد زواج القاصرات، وهو صراع لا تخوضه الفتيات وحدهن، بل يشارك فيه المجتمع بأسره من أجل حماية طفولة كانت معرضة للسرقة في لحظة واحدة.