هل تمتلك قطعة من إسرائيل في جيبك؟ استكشاف مزاعم نتنياهو وحقيقة صناعة الهواتف الذكية
أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محور جدل واسع، بعد أن زعم أمام وفد من الكونجرس الأمريكي أن “كل من يحمل هاتفاً محمولاً لديه قطعة من إسرائيل في يده”، معبراً عن فخره بدور بلاده في تصدير التكنولوجيا والأدوية والمواد الغذائية، مشدداً على ما يعتبره “القدرة الإسرائيلية في مجال الإنتاج والتصنيع” عبر مختلف القطاعات.
تصريحات نتنياهو المضللة
من غير الدقيق القول إن إسرائيل تنتج هواتف ذكية كاملة بشكل تجاري مثل تلك الخاصة بسامسونغ أو آبل، لكن هناك دور لها في تكنولوجيا معينة تستخدم في صناعة الهواتف، مما يساهم في علاقات مع شركات عالمية، ومن الأمثلة الواضحة:
* شركات إسرائيلية طوّرت تكنولوجيات تتعلق بالكاميرات ومعالجة الصور، التي استحوذت عليها شركات كبيرة مثل آبل (مثل LinX).
* شركة PrimeSense التي طوّرت حسّاسات ثلاثية الأبعاد، وقد نالت اهتمامًا عالميًا مما أدى إلى محاولات استحواذ عليها.
* شركات تعمل في تصنيع دوائر الـsemiconductor وfoundries مثل Tower Semiconductor، التي تصنع دوائر مخصصة تُستخدم في مكونات الهواتف، بالإضافة إلى شركات مثل Anobit التي قدمت تقنيات لتحسين أداء ذاكرة الفلاش.
بناءً على ذلك، تعكس تصريحات نتنياهو مبالغة إذا كانت تعني أن إسرائيل تصنع معظم الهواتف ذات العلامات التجارية، ولكنها تحتوي على بعض الصحة إذا كانت تشير إلى وجود مكونات وبرمجيات تكنولوجية إسرائيلية ضمن سلسلة القيمة العالمية للهواتف والأجهزة الإلكترونية.
دلائل موثوقة ومواقف مسجلة
* أدوات تجسس مشهورة طوّرتها شركات إسرائيلية مثل NSO Group عبر برنامج Pegasus، استخدمت ضد صحفيين ونشطاء وقادة سياسيين، مما وثقته تحقيقات دولية.
* شركات أخرى مثل Cellebrite قدمت أدوات لاستخراج البيانات، وقد أثارت حالات إساءة استخدامها تساؤلات حول قضايا حقوق الإنسان، مما دفع بعض الجهات لإعادة تقييم استخدام هذه الأدوات.
* تقنيًا، تختلف طرق الاستغلال بين استغلال ثغرات برمجية في أنظمة التشغيل أو باستخدام أدوات عند الوصول الفعلي للجهاز، لذا يجب التأكيد أن وجود شركات إسرائيلية في سلسلة التوريد لا يعني وجود “نظام تجسس مركزي” في كل الأجهزة المنتجة.
أبرز المكونات والتقنيات التي لها جذور إسرائيلية
1) تقنيات الكاميرا والمعالجة الحاسوبية (Computational Photography) كانت طورتها شركات إسرائيلية صغيرة واستحوذت عليها شركات مثل آبل، وتستخدم لتحسين جودة الكاميرات.
2) حسّاسات ثلاثية الأبعاد (3D sensing) طوّرتها PrimeSense، التي استُخدمت في Kinect واشترتها آبل، تُستخدم في ميزات متعددة مثل الصورة الشخصية والواقع المعزز.
3) حسّاسات الصورة CMOS، حيث يوجد بيزنس محلي في تصنيعها مثل Tower Semiconductor، التي تدعم إنتاج حسّاسات تخدم قطاع الهواتف.
4) وحدات تحكم الذاكرة الفلاش (Flash controllers) طورتها شركة Anobit، التي أثرت في سرعة التخزين في الهواتف قبل أن تستحوذ عليها آبل في 2011.
5) شرائح الاتصال الخلوية مثل Altair (التي تصبح الآن Sony Semiconductor Israel) التي طورت شريحة مودم للـ LTE والمتعلقة بأجهزة الإنترنت المتصلة.
6) IP لمعالجة الإشارات والصوت والرؤية قدمتها شركة CEVA، تُستخدم في تعزيز عمل الكاميرات والميكروفونات في الهواتف.
7) رقاقات تواصل عالية السرعة مثل Valens، التي طوّرت شرائح لربط الكاميرات بأجهزة المعالجة لضمان نقل فيديو عالي الجودة.
هل يمكن استخدام هذه التقنيات للتجسس؟
الإجابة قصيرة: نعم، لكنه ليس بالضرورة أن يتحول كل مكوّن تقني إسرائيلي في هاتفٍ ما إلى أداة تجسس، إذ لدينا وقائع موثقة توضح أن الأدوات والبرمجيات التي طورتها شركات إسرائيلية استخدمت بالفعل في عمليات اختراق ومراقبة، حيث وثقت مراكز بحث مثل Citizen Lab حملات نشر برمجيات مثل Pegasus ضد صحفيين ونشطاء.
تقنياً، تستطيع البرمجيات الخبيثة التقدم في فتح الكاميرات والميكروفونات، وقراءة الرسائل، وتتبع الموقع، كما أن سلاسل الاستغلال “zero-click” الموجودة التي لا تتطلب تفاعل المستخدم تم رصدها في حالات تتعلق بشركات إسرائيلية.
علاوة على ذلك، هناك أدوات تُستخدم من قبل جهات إنفاذ القانون التي أُثير حولها تساؤلات بشأن إساءة الاستخدام، مما يؤكد أن الخطر قد ينشأ حتى من جهات شرعية.
مدى إمكانية الاستغلال يعتمد على نوع الثغرة، وأحيانًا تُغلق بتحديثات أمنية، لذا وجود مكون تقني في سلسلة التوريد قد يزيد من فرصة الخطورة دون تأكيد وجود “باب خلفي” دائم.
وأخيرًا، هناك خطوات دفاعية يمكن أن تمنع المخاطر مثل تحديث الأنظمة فور صدورها، تفعيل الحماية المتقدمة، وإجراء فحوص رقمية عند الشك في التعقب، هذه الإجراءات لن تضمن حماية كاملة ولكنها تقلل من فرص الاستغلال.