
في التجارب السياسية للدول المتقدمة، يُعتبر التعديل الوزاري حدثًا نادرًا يحدث لأسباب واضحة؛ مثل تصحيح المسار، أو إدخال كفاءات جديدة، أو التعامل مع أزمة طارئة. في تلك الدول، يُعتبر استقرار الفريق الوزاري جزءًا من استقرار الدولة، ويتم اختيار الوزراء بناءً على معايير شفافة وخطط عمل معلنة، وتُقيم الأداء بشكل مؤسسي يحدد الاستمرار أو المغادرة.
أما في الأردن، فغالبًا ما ترتبط التعديلات الوزارية بالضرورات السياسية أكثر مما هي مرتبطة بإصلاحات إدارية حقيقية. قد تعكس هذه التعديلات رغبة في إعادة ترتيب موازين القوى بين النخب الحاكمة، أو تهدف إلى احتواء حالة من الغضب الشعبي، أو حتى مواكبة مرحلة سياسية جديدة، ولكنها غالبًا ما تكون بعيدة عن التقييم الموضوعي لأداء الوزراء. كما أن قاعدة النخب السياسية ضيقة، مما يجعل تدوير الأسماء هو القاعدة وظهور وجوه جديدة استثناءً.
قد لا يرتقي هذا النظام دائمًا لوصفه بالفساد الصريح، لكنه يكشف عن خلل في آلية اختيار الوزراء، وقلة الشفافية، وتفضيل الولاء السياسي أو الجهوي على الكفاءة. مع مرور الوقت، يصبح التعديل بالنسبة للمواطنين مجرد تغيير شكلي لا ينعكس على تحسين الأداء الحكومي أو تطوير الخدمات.
يمكن أن يكون التعديل الوزاري أداة فعالة للإصلاح إذا استند إلى رؤية واضحة، وتم ربطه بخطط قابلة للتنفيذ، وضم كفاءات حقيقية قادرة على الانجاز. لكن إذا اقتصر الأمر على الأسماء نفسها، فإن التعديل سيفقد مغزاه، ويتحول إلى عملية شكلية تستهلك الوقت دون جدوى، مما يبقي المشهد السياسي في حالة دوران. ينبغي أن تكون الوزارات أدوات لخدمة المواطنين والدولة، وليس منصات لتبادل النفوذ.
لكي يكون أي تعديل مقنعًا، يجب أن يعتمد على معايير موضوعية، ويكسر حلقة التدوير الضيقة، ويجعل التغيير يعكس مصلحة وطنية عليا بدلًا من معادلات سياسية مغلقة. عندها فقط، يمكن أن يتحول التعديل من روتين سياسي متكرر إلى فرصة حقيقية للإصلاح والتنمية.