
رحيل الشيخ أحمد
لقد كان الشيخ أحمد يتميز بكرمه وسخائه، حيث عاش حياة نبيلة تتجلى فيها أخلاقه الرفيعة وصفاته السامية، فلم يكن له شبيه بين الناس. وحق لنا جميعا أن نحزن على فقدانه، فهو رجل بمعانيه العميقة.
وداع رجل عظيم
كما يبدو أن أبا الحسن الأنباري كان يشير إلى صفاته حين قال:
علوٌ في الحياة وفي المماتِ
لحقٌ أنت إحدى المعجزاتِ
كأن الناس حولك حين قاموا
وفودُ نَداك أيام الصِّلاتِ
كأنك قائمٌ فيهم خطيبــًا
وكلهمُ قــيامٌ للصلاةِ
غادرنا الشيخ أحمد بسرعة، ففتح الحزن أبوابه على مصارعه في ضمد والمناطق المحيطة. وأتذكر في هذا الموقف قول جرير في مصاب الفرزدق، حيث وصف كيف أثر موت الفرزدق في تميم، قائلاً:
لعمري لقد أشجى تميمًا وهدها
على نكبات الدهر موتُ الفرزدقِ
عمادُ تميمٍ كلِّها.. ولسانُها
وناطقُها البذاَّخُ في كلِّ منطقِ
وفي يوم رحيله، اجتمع الآلاف من الناس من جهات شتى، وقد غمرهم الأسى على فراقه. أتذكر قول امرئ القيس:
فلو أنها نفسٌ تموت سويةً
ولكنها نفسٌ تَساقَطُ أنفُسا
مع بشاعة المصاب وضغوط الهموم، لا يسعنا سوى الرضا بقضاء الله وقدره، وتقبل ما كتبه الله لنا، فالصبر يزيد من أجره بقدر المصاب.
يتذكر عبدة بن الطّبيب التميمي قيس بن عاصم، الذي اشتهر بكرمه ونصرته للمظلومين، وهي سمات كانت موجودة في شيخنا المرحوم، حيث يقول:
عليك سلام الله قيسَ بن عاصم ورحمتُه ما شاء أن يترحّما
تحيّةَ من ألبسته منك نعمة
إذا زار عن بؤسٍ بلادَك سلّما
وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنّه بنيان قوم تهدّما
عندما أنظر إلى مقعد الشيخ ومجلسه الذي كان يستقبل فيه زواره، أتذكر قول الأصبهاني في رثائه لصلاح الدين:
أين الذي مازال سلطانًا لنا
يُرجى نداه وتُتقى سطواتُه
“لا تحسبوهُ مَمَات شَخصٍ واحدٍ
فمَمَات كُل العالمين مَمَاتهُ”.
العم أحمد، تربطنا به قرابة، وعندما يجتمع بأبي يقول له: أهلا بأخوالي السادة، حيث أن والدته من بيت آل النعمي. كنت أشعر بسعادة كبيرة وفخر عندما أراه.
أعزيكم يا إخوتي أبناء الشيخ أحمد وأقاربه ومحبيه، والأهل في ضمد، وأسأل الله أن يربط على قلوبكم جميعا، وأن يهب الجميع الصبر في هذا المصاب. نسأل الله أن يرحم فقيدنا العزيز ويغمره برحمته الواسعة، ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ويجمعنا به في دار كرامته “مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين”.
الحمد لله على ما قضى وقدر، إنا لله وإنا إليه راجعون.