1.5 مليون أوروبي يتحدون لحماية الأجيال القادمة من تأثيرات شركات الألعاب

1.5 مليون أوروبي يتحدون لحماية الأجيال القادمة من تأثيرات شركات الألعاب

شهد الاتحاد الأوروبي دخول حركة شعبية غير مسبوقة، حيث قام أكثر من مليون وأربعمائة ألف من المواطنين الأوروبيين بتوقيع عريضة جماعية تحت عنوان “أوقفوا تدمير الألعاب”. تهدف هذه الخطوة إلى مواجهة هيمنة شركات ألعاب الفيديو على السوق وما تسببه من آثار سلبية على الشباب والمراهقين، خصوصًا في ما يتعلق بانتشار محتوى العنف والإدمان السلوكي المرتبط بهذه الألعاب.

تحولت هذه المبادرة، التي أصبحت أكبر حملة جماعية في تاريخ الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، إلى محاولة ملزمة للشركات المنتجة والموزعة لألعاب الفيديو للحفاظ على إمكانية تشغيل الألعاب حتى بعد توقف إنتاجها أو دعمها. هذا يعني أن المستهلكين لن يفقدوا حقوقهم في المنتجات التي اشتروها، ولن يُجبروا على شراء ألعاب جديدة قد تحتوي على مستويات أعلى من العنف أو الإبهار المفرط.

وفي تصريحات لدانيال أوندروسكا، ممثل المبادرة، أوضح أن القضية تتعلق بحماية المستهلك وضمان الحفاظ على التراث الثقافي للألعاب الإلكترونية. وأكد أن ما يطالبون به هو أن تضع الشركات خطة لإنهاء دورة حياة اللعبة بطريقة تتيح استمرار تشغيلها بأقل عدد من المكونات الأساسية.

وأشار أوندروسكا إلى أن الممارسات الحالية، حيث تقوم الشركات بتعطيل الألعاب من خلال إيقاف المكونات الإلكترونية الأساسية، تجعل المنتج غير قابل للاستخدام، مما يعزز ظاهرة الهدر ويسهم في تعزيز سلوكيات ضارة لدى المراهقين، خاصة في ظل تصاعد الألعاب القتالية العنيفة.

ورأى منظمون الحملة أن هذه الظاهرة تعكس شكلًا من “التقادم المبرمج”، حيث يتم دفع المستهلكين عمدًا لتغيير الألعاب بدلاً من الحفاظ على حقوقهم بالاستخدام.

وبموجب القوانين الأوروبية الخاصة بالمبادرات الشعبية، كان من الضروري جمع مليون توقيع على الأقل من سبع دول في الاتحاد الأوروبي خلال عام. وقد تم تحقيق هذا الهدف في الرابع من يوليو الماضي، مما يتيح للمفوضية الأوروبية فتح ملف مراجعة تشريعية جديدة لحماية المستهلكين من ممارسات الشركات وضمان إمكانية استخدام الألعاب.

حاليًا، تمر العريضة بمرحلة التحقق من صحة التوقيعات، حيث ستقوم الدول الأعضاء بمراجعتها لمدة ثلاثة أشهر، وبعدها سيكون لدى المفوضية الأوروبية ستة أشهر لاتخاذ قرار بشأن صياغة قانون جديد أو الاكتفاء ببيان توضيحي، قبل إرسال أي مشروع قانون إلى البرلمان الأوروبي للاعتماد.

ورغم الدعم الشعبي الكبير، أكدت “فيديو جيمز يوروب”، وهي جماعة ضغط تمثل مصالح شركات الألعاب، أن الشركات يجب أن تحتفظ بحقها في وقف الألعاب غير المجدية تجاريًا. كما أعربت عن مخاوف بشأن تشغيل الألعاب على خوادم خاصة، نظرًا لعدم وجود حماية كافية للبيانات أو آليات فعالة لمكافحة المحتوى غير القانوني.

يعتبر المراقبون أن هذه المبادرة قد تكون مصدر إلهام للمجتمعات الأخرى، بما في ذلك العالم العربي، لاتخاذ خطوات تهدف إلى تقليل المحتوى العنيف في ألعاب الفيديو، وحماية المستهلك من الممارسات الاحتكارية.

وفي هذا السياق، يرى الخبراء في مجال التكنولوجيا والإعلام الرقمي أن الخطوة الأوروبية قد تثير اهتمام الأسواق الأخرى، بما في ذلك العالم العربي، الذي يشهد نموًا ملحوظًا في مستخدمي ألعاب الفيديو، خصوصًا من فئة المراهقين. ومن الضروري وجود تشريعات واضحة تحد من انتشار المحتوى العنيف لضمان حقوق المستهلك وحماية الأجيال الناشئة من التأثيرات السلبية.

كما أن السوق العربي، الذي يُقدّر بمليارات الدولارات سنويًا، يتطلب وعيًا مجتمعيًا وتشريعيًا لمواجهة أي ممارسات قد تضر بالصحة العامة أو تنشر سلوكيات عنيفة بين النشء.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *