التعليم في عصر التطور بين الاستفادة من التقنيات الحديثة ونمذجة التجارب التعليمية لتحقيق التحسين المستدام

د. سليمان حسن النعيري

يلعب التعليم دورًا محوريًا في تشكيل المجتمع، فهو بمثابة النور الذي يُضيء العقول، ويحفز على تطوير المهارات، مما يضمن إنتاجية مرتفعة في مختلف المجالات، مثل: الثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية. لقد بذلت العديد من الدول خلال العقود الماضية جهودًا كبيرة لإصلاح التعليم، وعلى رأسها الدول المتقدمة مثل: الولايات المتحدة، وبريطانيا، وسنغافورة، التي حققت نجاحات ملحوظة في الاختبارات الدولية، مثل: اختبارات “بيزا” و”تيمز”، مما أرسى مكانتها كقادة في صياغة نماذج تعليمية يصبح لها صدى عالمي.

التحديات العالمية في إصلاح التعليم

أصبح التعليم أداة استراتيجية للدول النامية التي تسعى للاستفادة من نماذج الإصلاح العالمية، إلا أن هذه النماذج تواجه تحديات ثقافية واجتماعية، نظراً للاختلاف الجذري بين السياقات المحلية والدول المنتجة. خلال فترة دراستي في بريطانيا، شاركت في نقاشات جادة حول معوقات إصلاح التعليم، وكانت الانتقادات موجهة نحو سياسات تعليمية اعتبرها الكثيرون سببًا في تراجع الجودة مقارنةً بما كانت عليه في الثمانينات، ورغم دعم النظام البريطاني للابتكار، إلا أن العديد من المعلمين باتوا يشعرون بالضغط وعدم الرغبة في الاستمرار.

نموذج التعليم السعودي والطموحات الجديدة

وفي هذا السياق، يسعى نموذج التعليم السعودي إلى إعادة صياغة النظام التعليمي وفق رؤية 2030، من خلال إطلاق مبادرات تهدف لتحسين الجودة وتطوير المناهج، وتوظيف التقنية والذكاء الاصطناعي. مشروع “تقويم التعليم” يُعد أحد هذه المبادرات الرائدة، الذي يهدف لبناء نظام تعليمي مرن يتناغم مع المتغيرات، ويحقق التكامل بين التقنية والقيم. يؤكد المشروع على أهمية البحث المحلي والشراكات بين الجامعات والمدارس، مما يعزز من تطوير نماذج تعليمية تلبي احتياجات المجتمع المحلي.

التعليم كرافعة حضارية

إن التعليم في السعودية، بما يمتلكه من إرث ثقافي ورؤية طموحة، يعد نموذجًا يُحتذى به، حيث يطوّع المعرفة لتلبية احتياجات المجتمع، ويجمع بين الأصالة والمعاصرة. يُبرز هذا النموذج أهمية إجراء دراسات علمية ومقارنة تكشف عن عناصر القوة والفرص لتحسين التعليم، مما يساهم في تفوق المملكة على المستوى الإقليمي والدولي. فالتعليم أصبح اليوم مجالًا استراتيجيًا لتشكيل المستقبل وتحديد موقع الدول في منافسات العالم.

د. سليمان حسن النعيري

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *