الميزانية السعودية 2025 تسجل أعلى عجز منذ 5 سنوات رغم ارتفاع النمو الاقتصادي وتوسع الإنفاق الحكومي لتحقيق مستهدفات رؤية 2030
الميزانية السعودية 2025 تسجل أعلى عجز منذ خمس سنوات رغم ارتفاع النمو الاقتصادي المتوقع، سجّلت المملكة العربية السعودية عجزاً مالياً كبيراً للربع الثالث من العام 2025 بلغ نحو 88.5 مليار ريال، وهو الأعلى منذ الربع الرابع لعام 2020، أي منذ فترة جائحة كورونا، ما يعكس استمرار الضغوط على المالية العامة نتيجة تراجع أسعار النفط وزيادة الإنفاق الحكومي.
الميزانية السعودية 2025
وتُظهر بيانات وزارة المالية الصادرة يوم الخميس أن هذا العجز يُعد الثاني عشر على التوالي، بعد أن بلغ في الربع الثالث من العام الماضي نحو 30.2 مليار ريال، وفي الربع الثاني من العام الجاري حوالي 34.5 مليار ريال، ما يدل على تواصل التحديات المالية التي تواجه الميزانية وسط انخفاض الإيرادات النفطية.
يأتي هذا التطور في وقت تسعى فيه المملكة لتحقيق توازن بين متطلبات الإنفاق التنموي ومواجهة تقلبات سوق الطاقة العالمي.
تفاصيل الإيرادات والنفقات في الربع الثالث
بلغ إجمالي الإيرادات في الربع الثالث قرابة 270 مليار ريال، بانخفاض نسبته 13% مقارنة بالعام الماضي، حيث سجلت الإيرادات النفطية نحو 151 مليار ريال بتراجع 21% على أساس سنوي، بينما حققت الإيرادات غير النفطية ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 1% لتبلغ 119 مليار ريال.
وفي المقابل، ارتفعت النفقات العامة بنسبة 4% لتصل إلى 358.5 مليار ريال، مدفوعة بزيادة الإنفاق الرأسمالي على المشاريع التنموية الذي بلغ 50 مليار ريال، إضافة إلى ارتفاع تكاليف خدمة الدين بنسبة 27% لتصل إلى 15.2 مليار ريال.
توقعات بارتفاع العجز خلال عام 2025
بحسب البيان التمهيدي لميزانية 2026، رفعت الحكومة السعودية توقعاتها للعجز في ميزانية العام الجاري إلى 245 مليار ريال، أي ما يعادل 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتقدير سابق عند 2.3% فقط عند اعتماد الميزانية في نوفمبر الماضي.
وأكدت وزارة المالية أن هذا العجز جرى تمويله عبر الاقتراض، في حين أوضح وزير المالية محمد الجدعان أن المملكة تتبنى سياسة توسعية في الإنفاق خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، مشيراً إلى أن “العائد الاقتصادي المتوقع من هذا التوسع يفوق كلفة الاستدانة”، حيث من المرجح أن يتراوح العجز السنوي بين 100 إلى 140 مليار ريال خلال الفترة المقبلة.
الإنفاق الحكومي ودوره في دعم النمو الاقتصادي
من جانبه، أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم خلال مشاركته في مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) بالرياض، رفع توقعات نمو الاقتصاد السعودي لعام 2025 إلى 5.1% مقارنة بتقديرات سابقة عند 4.4%، مشيراً إلى أن القطاعات غير النفطية ستسجل نمواً متوقعاً بنسبة 3.8%، وهو ما وصفه بأنه “نمو صحي ومستدام” يعزز تنويع الاقتصاد الوطني.
تحسن الأداء الاقتصادي في الربع الثالث
وبحسب الهيئة العامة للإحصاء، تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5% خلال الربع الثالث من 2025، في أقوى أداء فصلي منذ بداية عام 2024، نتيجة عودة الإنتاج النفطي إلى الارتفاع بعد فترة من الخفض الطوعي ضمن اتفاق “أوبك+”.
وفي أغسطس الماضي، أعلن تحالف “أوبك+” إنهاء التخفيضات الطوعية البالغة 2.2 مليون برميل يومياً، مع زيادة تدريجية في الإنتاج بدأت في سبتمبر بمقدار 547 ألف برميل يومياً، تلتها زيادة أخرى بـ 137 ألف برميل يومياً في نوفمبر، مما أدى إلى ارتفاع صادرات النفط السعودية إلى 6.42 مليون برميل يومياً في سبتمبر، وهي الأعلى منذ 18 شهراً.
أكد وزير الاقتصاد أن السنوات الخمس المقبلة حتى عام 2030 ستشهد تحولاً في نهج الإنفاق الحكومي نحو ما سماه “الإنفاق الذكي والموجّه”، موضحاً أن المرحلة المقبلة ستعتمد على ربط الإنفاق بالإنتاجية لتحقيق أقصى عائد اقتصادي ممكن وضمان استدامة النمو.
رغم تسجيل أعلى عجز مالي منذ خمس سنوات، تواصل المملكة تنفيذ سياسة مالية توسعية تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتحفيز النمو في القطاعات غير النفطية. ومع ارتفاع توقعات النمو الاقتصادي وتحسن الأداء في الربع الثالث، يبدو أن السعودية تراهن على قوة اقتصادها وتنويع مصادر دخلها لتجاوز التحديات المالية الراهنة وتحقيق أهداف رؤية 2030 بثبات وثقة.
