المركزي السعودي يعلن عن اعتماد هوية زائر لتسهيل فتح الحسابات البنكية للزائرين في المملكة
في خطوة تعد الأولى من نوعها، أعلن البنك المركزي السعودي “ساما” عن اعتماد وثيقة “هوية زائر” كإثبات رسمي لفتح الحسابات البنكية لدى المصارف العاملة في المملكة.
ولم يأت هذا القرار بمعزل عن التطورات الاقتصادية والتنظيمية، بل يمثل استجابة مباشرة لمتطلبات المرحلة الجديدة التي تسعى السعودية من خلالها إلى توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية وتعزيز مكانة القطاع المصرفي كمحرك رئيسي للتحول الرقمي.
تسهيل تجربة الزائرين وتحفيز التعاملات البنكية
يتيح القرار للزائرين، سواء كانوا قادمين لأغراض السياحة أو العمل المؤقت أو الزيارات العائلية، فتح حسابات مصرفية بشكل قانوني وآمن. وبحسب خبراء القطاع المالي، فإن هذه الخطوة ستُحدث نقلة نوعية في تجربة الزائر؛ إذ لم يعد مضطراً للاعتماد على النقد أو وسائل دفع بديلة، بل يمكنه الآن إجراء التحويلات والدفع الإلكتروني بنفس سهولة المواطن أو المقيم. كما ينعكس هذا التوجه على القطاع السياحي الذي يشهد نمواً متسارعا، حيث يوفر للزوار أدوات مالية حديثة تزيد من سهولة إنفاقهم وتعزز الدورة الاقتصادية المحلية.
القرار يوسع قاعدة العملاء ويرفع ثقة المستثمرين
يرى محللون ماليون أن اعتماد “هوية زائر” لا يقتصر على كونه إجراء تنظيمياً، بل يعكس استراتيجية أوسع للبنك المركزي السعودي في تعزيز الثقة بالقطاع المصرفي. فالقرار يفتح الباب أمام شرائح جديدة من العملاء لم تكن مغطاة مسبقاً، ويؤكد التزام المملكة بتطبيق أعلى معايير الشمول المالي. ويعتبر بعض الخبراء أن هذه الخطوة ستسهم في رفع جاذبية السوق السعودي أمام المستثمرين الأجانب، إذ تعكس مرونة النظام المالي السعودي واستعداده لاستيعاب مختلف الفئات ضمن منظومة تنظيمية رقمية متكاملة.
دعم مباشر للتحول الرقمي
يتقاطع هذا القرار مع خطط السعودية الطموحة في التحول الرقمي، حيث تسعى المملكة إلى بناء بيئة مالية متقدمة قائمة على الأتمتة والتقنيات الحديثة. ومن خلال اعتماد هوية رقمية مثل “هوية زائر”، تصبح عملية التحقق أكثر سرعة وموثوقية، مما يقلل من الإجراءات التقليدية ويعزز اعتماد الخدمات الرقمية. ويؤكد اقتصاديون أن القرار سيُسرع من وتيرة استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني، بما يتماشى مع توجهات «رؤية 2030» التي تضع مجتمعاً بلا نقد كأحد أهدافها الرئيسة.
انعكاسات على القطاع المصرفي المحلي
يمنح القرار على مستوى البنوك فرصة حقيقية لتوسيع قاعدة العملاء، ما يتيح تطوير منتجات وخدمات جديدة موجهة خصيصاً للزائرين. ويشير خبراء الابتكار المالي إلى أن هذه الخطوة قد تفتح المجال أمام تقديم محافظ إلكترونية ذكية أو خدمات دفع سريعة تلائم احتياجات الزائر قصيرة المدى، مما يدعم التنافسية بين المصارف السعودية. كما أن إدخال الزائرين ضمن النظام المصرفي يسهم في رفع معدلات الشفافية وتقليل الاعتماد على النقد، بما يحد من المخاطر الأمنية والمالية.
ارتباط وثيق برؤية السعودية 2030
يمثل القرار أحد أذرع تنفيذ رؤية السعودية 2030 التي تركز على تطوير القطاع المالي ليكون أكثر شمولية وحداثة. فتمكين الزائر من فتح حساب بنكي يعكس حرص المملكة على تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل الاستثمار، وتوفير تجربة مالية متكاملة لجميع من يعيش أو يتواجد على أراضيها. ويشير خبراء الاقتصاد الكلي إلى أن مثل هذه التحديثات التنظيمية تعزز مؤشرات الاستقرار المالي وتضع السعودية في موقع ريادي بين الدول التي تبنت الشمول المالي كأداة للتنمية الاقتصادية.
نحو بيئة مالية رقمية شاملة
من المتوقع أن يفتح اعتماد «هوية زائر» الباب أمام مزيد من الابتكارات في القطاع المالي، سواء عبر الخدمات المصرفية الرقمية أو عبر التكامل مع منصات الدفع العالمية. كما قد يشجع الزوار على البقاء لفترات أطول والاستفادة من الخدمات الاقتصادية المحلية، مما يعود بالنفع على قطاعات متعددة مثل السياحة والضيافة والتجزئة. بينما ينظر البعض إلى القرار كخطوة تنظيمية محدودة، يرى المحللون أنه يحمل في جوهره تحولاً استراتيجياً يربط بين سهولة الخدمات المالية من جهة، وبين جذب الاستثمارات وتعزيز التنافسية من جهة أخرى.