رحيل شاعر سكة التايهين كيف أحدث ناصر بن جرّيد ثورة فنية غيرت مسار الأغنية السعودية للأبد
في لحظة مؤلمة تسود الساحة الثقافية العربية، فقدنا الشاعر السعودي الكبير ناصر بن جرّيد، الذي كتب له ثمانية من أبرز الفنانين العرب، تاركًا وراءه تراثًا غنيًا من الكلمات التي يُمكنها أن تعبر عن المشاعر قبل أن تُلحَّن، فقد غادرنا في وقت حرج، حيث سقطت الستارة على مسيرة فنية استثنائية امتدت لسنوات طويلة من الإبداع والتألق.
أثر الكلمات العميق
أحمد الراشد، البالغ من العمر 58 عامًا، وهو من محبي أعمال الراحل، يعبر بحزن عن انتظار كل أغنية جديدة تحمل كلمات ناصر، مدركًا أنها ستوصل الأحاسيس مباشرة إلى القلب، فتأثيره العميق يشكل علامة فارقة في ذاكرة محبي الفن الأصيل، إذ تتميز كلماته بقدرتها على اختراق المشاعر كأشعة الليزر، بنعومة نسيم الصباح، من خلال تنقله بين عدة محطات مهنية، مثل نادي الهلال، مجلة “اليمامة”، وإمارة الرياض، مما ساهم في صقل مواهبه وإثراء رؤيته الفنية، بينما نجح فنانون بارزون مثل طلال مداح ومحمد عبده في إيصال كلماته إلى جمهور واسع.
ناصر بن جرّيد: رائد الكلمة الغنائية
مثلما يُعتبر نزار قباني رمزًا في الشعر، فقد كان ناصر بن جرّيد رائدًا في الكلمة الغنائية السعودية، حيث أدرك أهمية المزج بين الفصحى والشعبي بأسلوب مبتكر، تبدأ مسيرته بتألقه في صفحات مجلة “اليمامة” وصفحة “سفينة حنان”، مما أظهر وعيًا ثقافيًا ورؤية متقدمة لقوة الكلمة في تشكيل الهوية، خالد العمري، زميله السابق، يستذكر كيف كان ينحت الكلمات بدقة حتى تتحول إلى جواهر فنية، مؤكدًا أن أعمالًا مثل “سكة التايهين” و”يابو البلد” و”سور البلد عالي” تُعد علامات معروفة في تاريخ الأغنية العربية.
ذكريات مؤلمة وتأثير قوي
بينما تبقى أصداء “سكة التايهين” تجوب القلوب الحزينة، نشعر جميعًا بأن جزءًا كبيرًا من التراث الثقافي السعودي قد فقد برحيله، سارة المحمد، شاعرة شابة، تعبر عن مشاعر جيلها بقولها: “لقد فقدنا مدرسة كاملة في كتابة الكلمة التي تغني نفسها”، في حين تبقى رائحة الحبر وملمس الورق في ذاكرة كل من استمتع بقصائده، مما يدل على تأثيره العميق في الأغنية السعودية، كما يشبه تأثيره أنهر دجلة والفرات على حضارة بلاد الرافدين، عميق وأصيل ومتجذر.
الحفاظ على الإرث الثقافي
بينما نتهيأ لاستقبال الأجيال المقبلة، يبقى إرث ناصر بن جرّيد كدليل على قدرة الفن الأصيل على تجاوز الزمن، فرصة ذهبية تبرز الآن لتوثيق أعماله وإنتاج مشاريع جديدة مستوحاة من أسلوبه الفريد، في عصر السرعة والمعلومات، نتساءل إن كنا سنحافظ على كنوز التراث الثقافي أم سنسمح لها بالاندثار مع الزمن.
