ارتفاع أسعار النفط بشكل قياسي مع تقييم الأسواق للعقوبات وتأثيرها المباشر على إمدادات الطاقة العالمية
شهدت أسعار النفط تعافياً ملحوظاً بعد تراجع حاد، وسط توازن بين توقعات فائض المعروض القياسي ومخاطر الإمدادات المرتبطة بالعقوبات الأميركية المفروضة على روسيا، مما يعكس حالة من عدم اليقين في أسواق الطاقة العالمية.
صعد سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.34% ليقترب من 59 دولاراً للبرميل، بعد أن خسر حوالي 4.2% يوم الأربعاء الماضي، وهو أكبر هبوط منذ يونيو، فيما تجاوز خام برنت سعر 63 دولاراً. وفي تقريرها الأخير، أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى تدهور توقعات الطلب على النفط للشهر السادس على التوالي، متوقعة فائضاً يومياً يزيد عن أربعة ملايين برميل في العام المقبل، ما يؤكد استمرار الضغوط العرضية على السوق.
مخزونات النفط الأميركية وتداعياتها على أسعار الخام
أفاد تقرير حكومي أميركي بارتفاع مخزونات النفط الخام بـ6.4 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، وهو أكبر قفزة منذ يوليو، متجاوزاً التوقعات بكثير، مما حدّ من مكاسب الأسعار. ومع ذلك، تراجع الضغط الهبوطي بسبب انخفاض مخزونات المنتجات النفطية وارتفاع الصادرات، دليلاً على قوة الاستهلاك المحلي والعالمي. يظل السؤال قائماً حول قدرة الطلب على استيعاب الفائض المتوقع، خاصة في ظل زيادة الإنتاج من “أوبك+” وتحسن إمدادات شركات التنقيب حول العالم.
تأثير فائض المعروض العالمي على السوق الأميركي
أكد مايك ويرث، الرئيس التنفيذي لشركة “شيفرون”، أن دول تحالف “أوبك+” تعيد ضخ كميات كبيرة من النفط إلى السوق، متوقعاً فترة تزداد فيها الإمدادات أكثر من الطلب. من جهتها، أشارت توريل بوسوني، رئيسة أسواق النفط في وكالة الطاقة الدولية، إلى أهمية جولة العقوبات الأخيرة ومخاطرها الواضحة على الإمدادات. وفي ظل الهجمات الأوكرانية على البنية التحتية للطاقة الروسية، ارتفعت أسعار الوقود رغم المخاوف من فائض المعروض. وقد قاد هذا الفائض السعودية باعتبارها المحرك الأساسي لزيادة الإنتاج، رغم تأكيد أوبك+ توقفها عن زيادة الإنتاج في الربع الأول من 2026.
التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على سوق النفط
تستمر إدارة ترمب في تعزيز الضغوط على روسيا بفرض عقوبات مشددة على شركات كبرى مثل “روسنفت” و”لوك أويل”، مما دفع شركة تجارة النفط التابعة لـ”لوك أويل” إلى بدء تسريح موظفين، قبيل دخول العقوبات حيز التنفيذ. من المتوقع أن يعقد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لقاءً مع الرئيس ترمب في البيت الأبيض الأسبوع المقبل، في خطوة قد تؤثر على مستقبل الإنتاج والأسواق النفطية العالمية.
على الرغم من توقف زيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة، تشير التوقعات إلى وجود فائض عالمي يصل إلى 3.82 مليون برميل يومياً في الربع الأول من 2026، مقارنة بـ 2.89 مليون برميل في الربع الأخير من 2025، مما يعكس استمرار التحديات التي تواجه توازن العرض والطلب في سوق النفط العالمية.
