تراجع توقعات الأسواق حول خفض أسعار الفائدة في ديسمبر هل ينجح جيروم باول في إعادة قراءة المشهد المالي العالمي

لم يكن جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، يمزح قبل أسبوعين حين قال إن خفض أسعار الفائدة في ديسمبر ليس أمراً محسوماً، حيث تراجعت توقعات السوق بشكل واضح بخصوص تخفيض جديد. وتصريحات زملاء باول تعكس قلقاً كبيراً حول إمكانية تطبيق تخفيف السياسة النقدية للمرة الثالثة على التوالي في الاجتماع المرتقب يومي 9 و10 ديسمبر، ما دفع الأسواق إلى إعادة تقييم توقعاتها الحالية.

تحولات السوق وتأثير عدم اليقين على خفض أسعار الفائدة

في الأيام القليلة الماضية، كان المتداولون يقدّرون احتمال خفض أسعار الفائدة بنسبة 66% على الأقل، لكن هذه النسبة تراجعت إلى حوالي 50% وفقاً لأداة FedWatch التي تعتمد على عقود CME الآجلة، ما يعكس درجة كبيرة من عدم اليقين هيمنت على البوصلة الاقتصادية في ظل توقف تدفق البيانات الرسمية بسبب الإغلاق الحكومي الذي أُزيل مؤخراً.

تأثير البيانات الاقتصادية وشهادات مسؤولي الفدرالي

يخشى بعض مسؤولي الاحتياطي الفدرالي من اتخاذ قرارات واثقة في ظل ضعف مؤشرات سوق العمل، واستمرار التضخم فوق الهدف المحدد بنسبة 2%، بالإضافة إلى احتمالية عدم نشر بيانات أكتوبر الهامة، كما أكّدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، وهو ما يزيد من تعقيد المسارات السياسية.

تصريحات رئيسة الفدرالي في بوسطن وسيناريوهات السياسة النقدية

رئيسة بنك الاحتياطي الفدرالي في بوسطن، سوزان كولينز، التي اتسمت سابقاً بالحذر، أطلقت تحذيراً صريحاً عبر خطابها، مشددة على أهمية إبقاء أسعار الفائدة مستقرة لفترة لموازنة مخاطر التضخم والتوظيف، موضحة أن الاقتصاد لا يزال قوياً رغم تباطؤ التوظيف، والتحذير من أن خفض الفائدة في هذه المرحلة قد يعزز التضخم الذي لا تزال تأثيرات الرسوم الجمركية تلقي بظلالها عليه.

انقسام داخل لجنة السوق المفتوحة وأثره على القرار النهائي

الموقف المختلف بين أعضاء اللجنة يؤكد تعقيد المشهد، حيث تتراوح الآراء بين متشددين يرغبون في عدم الاستعجال في تخفيف السياسة النقدية، وبين محافظين يدعمون تخفيضات معتدلة بأحجام مختلفة، وهذا الانقسام يضغط على باول لتشكيل إجماع، ويشكل ضغطاً مضاعفاً في هذه اللحظة الحرجة التي لا يعقد فيها اجتماع في نوفمبر، مما يجعل قرار ديسمبر في صلب اهتمام الأسواق العالمية.

في ضوء هذه التحديات، قد يلجأ باول إلى اتخاذ موقف وسط، بإما تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، أو خفضها مع التأكيد على احتمال انتهاء دورة التخفيضات، وهو أمر تفسيره مهم للأسواق وللمؤسسات المالية العالمية التي تراقب عن كثب تحركات أكبر بنك مركزي في العالم.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *