التطرف الرقمي وتأثيره على الوعي الاجتماعي
في عصر الرقمية، تفقد الطائرات الحديثة صوتها، لكن كل نقرة قد تحمل فكرة جديدة، وكل لعبة قد تكون وسيلة لنشر أفكار متطرفة. تتوسع الجماعات المتطرفة عبر منصات لم تُصمم أساسًا لأهدافها، بل أصبحت ساحات لتجنيد الفتيان وترويج الأفكار المنحرفة بأسلوب ترفيهي يدفعهم للخوض في شباك التطرف. هذه القنوات لم تعد تقليدية، فهي تمثل ألعابًا وتطبيقات ومحادثات ومحتوى رقمي، تعيد صياغة وعي الأجيال الجديدة وتحرف انفعالاتهم نحو تصور “الآخر” كخصم دائم.
أفكار مدمرة في أقنعة ترفيهية
أظهرت دراسات نفسية حديثة وجود علاقة مباشرة بين الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية ذات الطابع العنيف وارتفاع السلوك العدواني والانغلاق الاجتماعي بين الأطفال والمراهقين. الإدمان على المحتوى الرقمي العنيف يؤدي إلى تراجع الاستجابة العاطفية وزيادة النزعات العدوانية. نتائج دراسة شملت أكثر من 130 دراسة أكدت أن مشاهد العنف في الألعاب تساهم في تعزيز الأفكار والسلوكيات العدائية وتقلل من التفاعل الأخوي والتعاطف.
دراسة أخرى من جامعة أوهايو أشارت إلى أن اللاعبين الذين يمارسون ألعابًا عنيفة لأوقات متتالية يظهرون زيادة في الميل لرؤية تصرفات الآخرين بشكل عدائي، مما يشير إلى تطبيع العنف على المستوى الإدراكي. كما أظهرت دراسة من جامعة إنديانا تقلص استجابة مناطق التحكم في الدماغ المرتبطة بضبط النفس لدى المراهقين الذين تعرضوا لمحتوى عنيف، مما يزيد من إنفعالاتهم السلبية.
كشف المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف “اعتدال” عن أن التنظيمات الإرهابية تستثمر بشكل ملحوظ في الألعاب الإلكترونية كوسيلة تجنيد ناعمة تستهدف الشباب، حيث تقوم هذه الألعاب بإعادة برمجة وعي النشء بطرق موغلة في التعقيد، تتضمن سرديات تحض على العنف وتقديس القتل كوسيلة للبروز. في ذاته، تعد هذه الألعاب بيئة خصبة لإعادة تشكيل أفكار الأطفال، حيث توفر لهم شعورًا بالبطولة عندما يقتلون “العدو” الافتراضي.
توصي “اعتدال” بضرورة سن تشريعات قانونية تجرّم الفشل في إزالة المحتوى المتطرف من منصات الألعاب والتطبيقات، مع وضع نظام تصنيف يراعي المضامين الأخلاقية والأيديولوجية. وعلاوة على ذلك، ينبغي على الأسر اتخاذ خطوات استباقية لحماية أطفالهم من التأثر بمثل هذه الأفكار، من خلال المحادثات الدائمة والرصد الواعي لمحتوى الألعاب الذي يتعرضون له.
في المجمل، يبرز الفارق بين التعامل كرقابة سلبية versus كداعم ومرشد، مما يجعل دور الأسرة محورًا أساسيًا في توجيه النشء بعيدًا عن مثل هذه المنصات. عندما تعود الأسرة لتكون جزءًا من النقاش حول ما يشاهده أطفالهم، يمكن أن يُعاد تشكيل وعهم ليصبح أكثر إيجابية وتفاعلاً مع القيم الصحية المتعارف عليها.