تحولات رقمية تعيد صياغة مستقبل الرعاية الصحية على مستوى العالم

تحولات رقمية تعيد صياغة مستقبل الرعاية الصحية على مستوى العالم

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحليلًا جديدًا يتناول مزايا وتحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي. وقد أشار إلى أن أنظمة الرعاية الصحية شهدت تحولًا كبيرًا في السنوات الأخيرة بفضل دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي أصبحت تلعب دورًا أساسيًا في التشخيص ورعاية المرضى والإدارة وتعزيز الصحة العامة. وأوضح أن هذه التقنيات توفر إمكانات هائلة، بدءًا من أدوات التعلم الآلي القادرة على تحليل الصور الطبية بدقة، إلى منصات مراقبة الصحة عن بُعد، مما يساهم في تحسين الكفاءة الطبية. وبالنظر إلى التحديات المتزايدة مثل نقص الأفراد وزيادة الأمراض المزمنة، تجد دول عديدة نفسها مضطرة لتبني حلول ذكية تعتمد على البيانات والتعلم الآلي، مما يجعلها في مقدمة الثورة الصحية الرقمية التي تعيد تشكيل مستقبل الرعاية الصحية عالميًا.

وأكد التقرير على تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي الملحوظ في تحسين دقة التشخيص والكشف المبكر عن الأمراض. إن التعلم الآلي، الذي يُعتبر عنصرًا رئيسيًا في الذكاء الاصطناعي في المجال الصحي، أحدث تغيرًا نوعيًا في تحسين أساليب التشخيص والعلاج. فبفضل قدرته على تحليل كميات هائلة من البيانات السريرية، تستطيع الخوارزميات تحديد الأنماط بدقة عالية والتنبؤ بالنتائج المستقبلية.

كما تساهم تقنيات مثل التعلم الآلي في تحسين عمليات تحليل سجلات المرضى والصور الطبية وتقديم علاجات جديدة، مما يسمح للمختصين في الرعاية الصحية بتقليل التكاليف مع تعزيز جودة العلاج. ومن الأمثلة البارزة على ذلك برنامج (EchoNext) الذي يستخدم في اكتشاف أمراض القلب الهيكلية بدقة تصل إلى 77%، وقد ساهم في الكشف عن آلاف الحالات ذات الخطورة العالية.

علاوة على ذلك، تستخدم أدوات “معالجة اللغة الطبيعية” (NLP) بشكل متزايد في القطاع الصحي لتحسين جودة الرعاية من خلال تشخيص أكثر دقة وتبسيط الإجراءات السريرية. ويساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا على تحسين الجوانب الإدارية للرعاية الصحية، حيث يتمكن مقدمو الخدمات من تركيز جهودهم على رعاية المرضى من خلال أتمتة المهام الروتينية، مثل إدخال البيانات ومراجعة السجلات، مما يقلل من الأخطاء البشرية.

لكن، رغم الفوائد العديدة، يشير التقرير إلى أن هناك تحديات عديدة يجب مواجهتها، ومنها حماية الخصوصية، وعدم وجود أطر تنظيمية واضحة لاستخدام هذه التقنيات، وصعوبة مواكبة الابتكارات السريعة، والتكامل مع الأنظمة الصحية القائمة. كما توجد مخاوف من التحيز في الخوارزميات ونقص الثقة من قبل القوى العاملة الصحية.

وعلى الرغم من هذه التحديات، بدأت بعض الدول مثل الدانمارك والصين وبريطانيا ورواندا ومالاوي في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد كجزء من جهودها لمواجهة الأوبئة وتحسين الخدمات الصحية. فالدنمارك قدّمت نموذجًا رائدًا في التحول الرقمي في الرعاية الصحية، بينما استخدمت الصين نموذج (DeepSeek) لتحسين التشخيص ودعم القرار. وفي رواندا، أسهم الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن مرض “جدري القرود”.

وختامًا، أوصى المركز بضرورة إدراج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن نظم الصحة الوطنية، مشددًا على أهمية معالجة التحديات المرتبطة باستخدامها بجدية، من خلال التنسيق بين الحكومات والمطورين والمؤسسات الصحية.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *