
رحيل الشيخ أحمد بن محمد بشير معافا وأثره الإنساني
برحيل الشيخ أحمد بن محمد بشير معافا، فقدت المملكة العربية السعودية أحد أبرز الشخصيات النبيلة والمتميزة. كان قاضياً شهيراً وعلماً من أعلام محكمة التمييز في مكة المكرمة، وتميّز بحضور قضائي وعلمي مفعم بالاحترام. عُرف الشيخ بمعرفته الواسعة في الفقه، وعدله التام، وتواضعه البارز، حيث كان له أسلوب هادئ يعكس هيبته ووداعته في آن واحد.
فقدان شخصية قضائية رائدة
لم يكن الشيخ أحمد مجرد قاضٍ، بل كان بمثابة مدرسة في التعامل، يجمع بين حزم العدالة ولطف الروح. من يعرفه عن كثب يكتشف فيه رقة تلامس القلوب، وكرماً وعطاءً يجعل من كل لقاء معه تجربة لا يمكن نسيانها. بينما أتذكر موقفاً شخصياً لن أنساه، عندما قمت بنشر مقطع فيديو عبر تويتر يظهر الشيخ إلى جانب فنان العرب محمد عبده في مطار جازان. أثار هذا المشهد حفيظة بعض معجبيه، فقررت الاتصال به لتوضيح الأمر، متوقعاً منه عتاباً، ولكنه فاجأني برحابة صدره وسماحته، قائلاً لي: “يا ولدي، الأمر لا يستحق، بارك الله فيك”، مما خفف عني كل القلق الذي شعرت به.
كان ذلك الموقف درساً لي في كرم الأخلاق ورحابة الصدر في مواجهة المواقف غير المتوقعة. أدركت أن الشيخ لم يكن قاضياً فحسب، بل إنساناً يملك القدرة على تخفيف الأعباء النفسية والتحكم بها، حيث غلبت كفة الطمأنينة في حديثه على أي مشاعر أخرى.
رحل الشيخ أحمد معافا، تاركاً وراءه إرثاً من الطهر والنقاء، ومنهجاً قوياً في الأخلاق لا يقل أهمية عن أحكامه القضائية. حيث كان يجسد المعنى الحقيقي للعالم والقاضي كإنسان بالدرجة الأولى، مسلطاً الضوء على أهمية المروءة التي ينبغي أن تكون منهاج حياة.
نسأل الله أن يرحم الشيخ أحمد رحمة واسعة، ويجعل ما قدمه من علم وعدل وأخلاق في ميزان حسناته، وأن يلهم محبيه وتلامذته الاقتداء بخطاه.