أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مصر الأزهر ستظل عبر تاريخها الطويل مركزًا لجذب طلاب العلم، حيث يمثل الطلاب الوافدون جزءًا أساسيًا من قوة مصر الناعمة في تعزيز العلاقات الحضارية مع شعوب العالم.
ووضح مفتي الجمهورية أن الأزهر الشريف سيبقى منارةً للعلم والاعتدال ووجهةً للدارسين من كافة أنحاء العالم، مشيرًا إلى أن هذه المؤسسة التاريخية استقطبت على مدار أكثر من ألف عام طلابًا من شتى البلدان بهدف نشر الفكر المستنير وتعزيز التعايش بين المذاهب والمدارس المختلفة.
جاء هذا خلال المحاضرة التي ألقاها مفتي الجمهورية للطلاب التايلانديين الجدد الذين يستعدون للبدء في دراستهم بالأزهر، وذلك في المركز الوطني لإدارة الشئون الإسلامية في بانكوك، وبحضور شيخ الإسلام في تايلاند، آرون بونتشوم، وسعادة السفيرة هالة يوسف، سفيرة مصر لدى تايلاند، حيث عكس اللقاء عمق العلاقات الثقافية والدينية بين البلدين وحرص الجانبين على укреп التعاون في مجالات التعليم الديني ورعاية الطلاب الوافدين.
وأكد مفتي الجمهورية أن حياة الإنسان لا تُبنى على العبث، بل تحتاج إلى غاية وهدف ورسالة، مشددًا على أن وضوح الهدف هو الخطوة الأولى نحو النجاح، وأن من يفقد هدفه يفقد رُشده وبوصلته، مبرزًا أن الوقت هو الحياة، وهو أثمن ما يمتلكه الإنسان، وأن ضياعه يُعتبر أكثر خطرًا من فقد المال، مشيرًا إلى أن الجدية والاجتهاد وإدارة الوقت بشكل جيد هي شروط أساسية لتحقيق التميز والتفوق.
وأشار المفتي إلى أن الأزهر الشريف استطاع الحفاظ على مكانته على مر العصور بفضل ارتباطه بالوسطية والاعتدال، وغرسه لقيم التعددية الفكرية والمذهبية في طلابه، حيث فتح الأبواب أمام الاجتهاد المنضبط مع مراعاة مصالح الناس والتفاعل مع قضاياهم دون الإخلال بثوابت الدين، مضيفًا أن الأزهر يمثل نموذجًا جامعًا يستوعب مختلف المذاهب الإسلامية مثل الأشاعرة والماتريدية والفقهاء والمحدثين والصوفية، مؤكدًا أن هذا التنوع يُبرز سعة الشريعة ورحمتها.
كما أشار مفتي الجمهورية إلى أن الدولة المصرية تمنح اهتمامًا خاصًا للطلاب الوافدين، حيث توفر لهم جميع مقومات النجاح والإقامة الكريمة، إدراكًا منها لدورهم كسفراء للعلم والفكر الرشيد عندما يعودون إلى بلادهم، موضحًا أن مصر بتاريخها العريق وريادتها الحضارية ومؤسساتها الدينية والعلمية لم تتوانَ يومًا عن أداء رسالتها في دعم القضايا الإنسانية وتعزيز السلام العالمي، وأنها تظل منبرًا يعبر عن الوسطية وينشر قيم التعايش بين الشعوب، مشددًا على أن هؤلاء الطلاب يمثلون قوة مصر الناعمة في المجال الثقافي والحضاري ويعكسون الصورة المشرقة لمصر والأزهر في العالم.
في هذا السياق، أشاد بدور دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في نشر قيم الاعتدال والفكر المستنير، وكذلك ما تنظمه من مؤتمرات ومبادرات تعزز مكانة مصر كقوة ناعمة ورائدة في خدمة قضايا الأمة، مؤكدًا أن مصر لم تدّخر جهدًا عبر تاريخها في دعم طلاب العلم الوافدين، وأن رعايتهم جزء لا يتجزأ من رسالتها الحضارية، وأن تعليمهم الفكر الصحيح والعلم المتوازن يُعتبر استثمارًا حقيقيًا في بناء العلاقات بين الشعوب.
واختتم المفتي كلمته بالتأكيد على أن الطلاب التايلانديين في الأزهر يُعتبرون جزءًا مهمًا من نسيج العلاقات القوية بين مصر وتايلاند، وأنهم سيحملون معهم رسالة الخير والعلم النافع والدعوة بالحسنى، داعيًا الله أن يُوفقهم ويوجههم، وأن يحفظهم وأوطانهم.