الدب الأكبر III: من المجرة القزمة إلى العنقود النجمي

في اكتشاف مذهل قد يغيّر تصورات العلماء حول واحدة من أكثر المجرات خفوتًا في مجرتنا، أظهرت دراسة حديثة أن النظام النجمي المعروف باسم Ursa Major III، الذي يبعد حوالي 30 ألف سنة ضوئية ويحتوي على نحو 60 نجمًا مرئيًا فقط، قد لا يكون مجرد مجرة قزمة مغمورة بالمادة المظلمة كما كان متوقعًا، بل هو في الواقع عنقود نجمي مدمج تتحكم فيه بقايا نجوم كثيفة، مثل الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية.

بالنظر إلى التصنيفات السابقة، فقد تم اعتبار هذا الجسم جزءًا من المجرات القزمة فائقة الخفوت استنادًا إلى مسوحات تلسكوبية عديدة، مثل مشروع UNIONS باستخدام تلسكوب CFHT وأيضًا مسوحات Pan-STARRS، ومع ذلك، أظهرت أرصاد مطياف DEIMOS في مرصد كيك أن النجوم داخل هذا النظام تتحرك بسرعات قريبة من بعضها، مما يشير إلى نوع من الارتباط الجاذبي، لكن ما أسفر عنه البحث كان تباينًا ملحوظًا في السرعات، وهو ما تم تفسيره تقليديًا على أنه نتيجة لوجود هالة كبيرة من المادة المظلمة.

اعتمدت الدراسة الجديدة على محاكاة ديناميكية تُعرف باسم (N-body simulations)، والتي كشفت أن هذا السلوك قد يكون ناتجًا عن وجود نواة من بقايا النجوم، حيث تعمل الثقوب السوداء والنيوترونات على تعميق مجال الجاذبية الداخلي، مما يؤدي إلى زيادة سرعات النجوم دون الحاجة لافتراض وجود مادة مظلمة غير مرئية، وهذا السيناريو يعيد تشكيل النظرة تجاه هذه الأجسام “الشبحية” بشكل جذري.

إن أهمية هذا التصحيح في التصنيف تتجاوز فهم جسم واحد، لتشمل علم الكونيات بشكل أوسع، إذ أن النموذج الكوني السائد ΛCDM يتوقع وجود مئات المجرات القزمة المحيطة بدرب التبانة، بينما ما تم رصده فعليًا أقل بكثير، فإذا كانت أجسام مثل Ursa Major III مجرد عناقيد نجمية وليس مجرات قزمة، فهذا يعني أن العدد الحقيقي لهذه المجرات أصغر بكثير مما خُمن سابقًا. هذا الاكتشاف يعالج ما يُعرف بمشكلة “أكبر من أن تفشل” (Too Big To Fail)، حيث تبيّن المحاكاة وجود مجرات قزمة ذات كثافة وكتلة أكبر مما يتم رصده، ومع إعادة تصنيف هذه الأجسام، تصبح النماذج النظرية أكثر توافقًا مع الواقع الملاحظ.

يشير بعض العلماء إلى أن Ursa Major III قد يكون “قمة جبل الجليد” لفئة جديدة تمامًا من الأنظمة النجمية فائقة الخفوت، التي تجمع بين خصائص العناقيد النجمية والمجرات القزمة، مما يفتح آفاقًا جديدة لمراجعة شاملة حول كيفية تكوّن الأجرام الكونية وتطورها في مجرتنا.