تعزيز الروابط الروحية: عمرو حافظ يستعرض العلاقة المقدسة بين مصر والسعودية

تعزيز الروابط الروحية: عمرو حافظ يستعرض العلاقة المقدسة بين مصر والسعودية

بينما كنت أشاهد أحد البرامج التلفزيونية، استرعى انتباهي حوار بين مذيع مصري وباحث سعودي. لن أنسى إجابته حين سُئل عن سرّ العلاقة القوية بين مصر والسعودية. قال ذلك الرجل برؤية عالم واثق: “سألتُ والدي، وهو من أبرز الكتاب والأدباء، فأجابني: العلاقة بين البلدين ‘قرآنية’، فقد جمعتها آية واحدة {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}.”

توقف تفكيري عند كلماته وكأن الزمن توقف ليستمع إليها الجميع في الاستديو. الآية الكريمة لم تذكر فقط مكانين جغرافيين، بل ربطت بينهما برابطة مقدسة: “طور سينين”، أرض سيناء المصرية حيث كلّم الله موسى، و”البلد الأمين”، مكة المكرمة، مهبط الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

إنها علاقة عظيمة حين يكون اللّحام بين البلدين هو كلام الله ذاته! ليست تحالفًا مؤقتًا، ولا مصلحة عابرة، بل عهدٌ سماوي يُترجم على الأرض عبر الزمن.

لم تكن تلك الآية مجرد إشارة جغرافية، بل اشتملت على بذور لتطوير علاقة إنسانية وحضارية. فمنذ أن احتضنت مصر الإسلام، ظلت بوابة الشرق والعرب، بينما قامت السعودية بحماية بيت الله الحرام.

ورغم مرور فترة طويلة على مشاهدتي لهذا الجزء من البرنامج، إلا أنه ظل ماثلًا أمام عيني، ولا يغيب عن ذهني، ويشغل ضمير قلمي لنقله إليكم. إن ما وصله القرآن برباطٍ عظيم، لا يمكن لرياح الدنيا أن تفرق بينه. ومن وثق الله بينهما، فلن يستطيع أحد – مهما بلغت قوته – أن يقطع هذا الرباط المتين. إنه علاقة لا تنفصم، وحبل لا ينقطع، كالجبال التي تثبّت الأرض فلا تميد بأهلها. هذه ليست مجرد عاطفة، بل حقيقة تاريخية وضرورة مستقبلية، ووصية قرآنية نراها تتجلى كل يوم.

هذه علاقة أرسى قواعدها الله قبل أن يخطها البشر. تُظهِر التحليلات السياسية عمق العلاقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وتُفسَّر تارة بالتحالفات الإقليمية وأحيانًا بالمصالح الاقتصادية المشتركة. ومع ذلك، يبقى هناك بُعدٌ أعمق يتجاوز كل هذه التفسيرات، مُؤكِّدًا أن ما يجمع البلدين ليس مجرد تنسيق سياسي بل هو رابطٌ رباني روحي وتاريخي لا يمكن أن تفصمه تقلبات الزمن.

إنها علاقة أقوى من أن تهزها المتغيرات، وأعمق من أن تمسها النزعات العابرة. فما جمعه القسم القرآني والتاريخ من أخوة ضاربة في عمق الزمن، لا يمكن أن ينفصم. إنه اتحاد مصير كتبه القدر، وسيظل – بإذن الله – صرحًا شامخًا تتكسر عليه أمواج الفتن، كما تتكسر الأمواج على الصخور.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *