
في قلب صعيد مصر وتحديدًا في محافظة سوهاج، تتجلى ملامح النهضة الصناعية التي تسعى الحكومة لترسيخها كأحد أهم ركائز التنمية الشاملة. تُعتبر الصناعة “عصب التنمية” ووقود النمو الاقتصادي، وسوهاج تمتلك مقومات تجعلها على الخريطة الصناعية بقوة، لا سيما بوجود أربع مناطق صناعية رئيسية: حي الكوثر، غرب جرجا، غرب طهطا، ومنطقة الأحايوة. هذه المناطق تحظى باهتمام حكومي متزايد من حيث تطوير البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية، مما يهيئ بيئة جاذبة للاستثمار.
تُعد المنطقة الصناعية بحي الكوثر نموذجًا فريدًا للتخطيط الجيد والموقع الاستراتيجي، حيث تقع شرق نهر النيل، في بداية طريق “الصعيد/ البحر الأحمر”، وعلى محور “القاهرة – أسوان الشرقي”. يتيح لها هذا الموقع سهولة الوصول إلى شبكات النقل البرية والمائية، فهي تبعد 12 كيلومترًا فقط عن قلب مدينة سوهاج، ونهر النيل، ومحطة السكة الحديد، بينما يفصلها 55 كيلومترًا عن جامعة سوهاج الجديدة والمطار الدولي، مما يجعلها مركزًا مثاليًا لحركة البضائع والخدمات.
تمتد المنطقة الصناعية بحي الكوثر على مساحة 500 فدان، مما يوفر إمكانية استيعاب عدد كبير من المشروعات الاستثمارية في مختلف القطاعات. تشير البيانات الرسمية إلى أن المنطقة حصلت على موافقات لإقامة 317 مشروعًا، من المتوقع أن توفر حوالي 14,542 فرصة عمل، وهو ما يعكس حجم الإسهام المباشر لها في دعم سوق العمل المحلّي.
حتى الآن، دخلت 198 شركة ومشروع مرحلة الإنتاج الفعلي، مما وفر 10,396 فرصة عمل لأبناء المحافظة والمناطق المجاورة. وهذا يعد دليلاً على جدية المستثمرين وقدرة المنطقة على جذب رؤوس الأموال. هناك أيضًا 107 مشروعات لا تزال تحت الإنشاء، ومن المتوقع أن توفر عند اكتمالها 4,114 فرصة عمل إضافية، مما يعزز من القدرة الإنتاجية للمنطقة.
يتزامن هذا الاهتمام الحكومي بالمناطق الصناعية في سوهاج مع خطة أوسع لتوزيع التنمية الصناعية على مختلف محافظات مصر، والحد من مركزية النشاط الصناعي في المدن الكبرى، بحيث تصل التنمية إلى عمق الصعيد.
تمثل المنطقة الصناعية بحي الكوثر نموذجًا للتكامل بين الموقع الاستراتيجي والبنية التحتية الجيدة، ما يمكنها من جذب استثمارات محلية وأجنبية. كما أن تنوع المشروعات المقامة، مثل الصناعات الغذائية، والهندسية، والكيميائية، والدوائية، يعزز مرونة المنطقة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، ويوفر قاعدة إنتاجية متنوعة يمكن الاعتماد عليها.
ومع استمرار الحكومة في ضخ الاستثمارات لتطوير الخدمات والمرافق، يتوقع أن تتحول المنطقة الصناعية بحي الكوثر إلى أحد أهم المحاور الاقتصادية في صعيد مصر خلال السنوات القليلة المقبلة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتحقيق تنمية متوازنة وشاملة، حيث يكون للصعيد فيها نصيب مستحق من فرص النمو والازدهار.