في إطار جهود مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء لاستكشاف الفرص الاقتصادية الواعدة التي تواجه الاقتصاد المصري في ظل المتغيرات المحلية والعالمية، وفي سياق تنفيذ استشراف المستقبل -الذي يمثل جزءًا أساسيًا من مهام المركز- يستند إلى إعداد دراسات وتقارير معتمدة على معلومات وتحليلات علمية دقيقة، وتطبيق منهجية بحثية متقدمة تستفيد من قدرات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات.
وأوضح المركز في تقرير له أن “السياحة الفضية”، التي تُعرف بسياحة “كبار السن”، تُعد واحدة من أبرز الفرص المتاحة أمام الدولة نظرًا لكونها قطاعًا سياحيًا واعدًا قد يُشكل مصدرًا هامًا للعملات الأجنبية، حيث يركز هذا النوع من السياحة على تلبية احتياجات ورغبات فئة كبار السن الذين يتمتعون بوقت فراغ ومرونة مالية، ويبحثون عن تجارب سفر مريحة ومخصصة، وغالبًا ما تتمحور حول الثقافة والتاريخ والاسترخاء، بالإضافة إلى أنهم يميلون بشكل متزايد إلى التعليم الذاتي والترفيه مما يجعل السفر بالنسبة لهم بمثابة مكافأة على جهودهم في الحياة العملية، مما يدفعهم للسفر بانتظام.
وأكد المركز أن أهمية هذا النوع من السياحة تتزايد في ظل التوقعات التي تشير إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا ليشكلوا 22% من سكان العالم بحلول عام 2050، كما تتماشى رغبات هذه الفئة مع ما تقدمه مصر من آثار تاريخية وشواطئ ساحرة وطقس دافئ، مما يجعل من هذا السوق فرصة هائلة لمصر في مجال السياحة.
وأشار إلى أن قطاع السياحة المصرية يمكن أن يستفيد من العدد المتزايد من السكان في الدول الأوروبية الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا، حيث بلغ عددهم 215 مليونًا في عام 2021، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 247 مليونًا بحلول عام 2030، وغالبًا ما يبحث هؤلاء عن وجهات سفر خلال عطلات فصل الشتاء.
إن الفرصة المتاحة للسياحة الموجهة لكبار السن تُعتبر ذات أهمية بالغة، حيث تشكل سوقًا ضخمة يمكن أن تعزز العائدات السياحية بشكل ملحوظ، إذ يُنفق كبار السن حول العالم نحو 30 مليار دولار سنويًا، كما يشغلون 70% من المساحات على سفن الرحلات البحرية، بالإضافة إلى إنفاقهم بنسبة 74% أكثر على العطلات مقارنة بالشباب.
تبرز أهمية هذه الفرصة بالنسبة لمصر كمنبع لزيادة الإيرادات السياحية، إذ يشكل السوق الضخم والمستقر لكبار السن فرصة يمكن أن تُحسن من العوائد المالية بشكل كبير، فمع توقع المرور بمعدلات نمو متواصل في هذا السوق، سيتمدد حجمه بصورة واضحة على مدى السنوات القادمة نتيجة زيادة متوسط العمر المتوقع وزيادة عدد المتقاعدين الأوروبيين الذين يبحث كثيرون منهم عن وجهات دافئة ومريحة خلال فصل الشتاء، بالإضافة إلى المقومات الطبيعية والتاريخية التي تملكها مصر والتي يمكن أن تجذب كبار السن مثل المناخ المعتدل والشواطئ الرملية والآثار التاريخية، علاوة على وجود مجموعة من الخدمات المتوفرة لتلبية احتياجات هذه الفئة العمرية من شبكة طرق مؤهلة تمنحهم إمكانية الوصول بسهولة وكفاءة إلى المقاصد السياحية، بالإضافة إلى خدمات صحية من مستشفيات وعيادات تقدم رعاية صحية عالية الجودة مما يوفر لهم الاطمئنان على صحتهم أثناء سفرهم.
وركز مركز المعلومات في تقريره على متطلبات النجاح والموارد اللازمة لتنمية قطاع السياحة الفضية في مصر، مشيرًا إلى ضرورة توفير تسهيلات سياحية ميسرة لكبار السن وذوي الهمم عند وصولهم إلى المطارات المصرية، وتوفير وسائل نقل مريحة وسهلة الاستخدام مثل الحافلات الصغيرة والسيارات المجهزة، ودمج التكنولوجيا مثل الروبوتات لتعزيز الدعم اللوجستي للسياح المسنين، وإطلاق باقات سياحية بأسعار تنافسية تشمل الإقامة والرعاية الصحية إلى جانب برامج ترفيهية خفيفة، وتوفير خدمات طبية أو برامج ترفيهية تعزز الصحة والعافية مثل العلاجات الطبيعية أو المياه الحرارية، وتقديم خيارات إقامة مريحة في القرى السياحية الريفية للاستماع بالطبيعة بعيدًا عن الزحام، علاوة على التنسيق مع شركات السياحة الأجنبية لوضع حوافز تستهدف دور المسنين في دول مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها لجذبهم إلى مصر، وأخيرًا إعداد برامج سياحية لجذب السائحين “المعمرين” من الصين واليابان والترويج لتلك البرامج عبر منصات التواصل الرقمية الأكثر شعبية في تلك الدول مثل “Weibo” في الصين و”LINE” في اليابان.