
العلاقات الثقافية بين الإمارات وروسيا
تبقى العلاقات الثقافية بين الإمارات وروسيا نموذجًا حيًا على أن الثقافة ليست مجرد وسيلة للعبور، بل هي الأساس الذي يبنى عليه علاقات قوية ومستدامة تُعبر عن الاحترام المتبادل. تؤكد هذه العلاقات أن الحضارات، على الرغم من اختلافها، تتلاقى في فضاء من التفاهم والتعاون والإبداع، مما يبرز أن الفن والمعرفة والإنسانية تعتبر اللغة التي تتجاوز حدود الزمان والمكان، تجمع بين الشعوب على حب السلام والتقدم والرخاء.
التعاون الثقافي
انتشرت في الإمارات، خصوصًا في دبي وأبوظبي، مراكز الثقافة الروسية التي تعد نوافذ حية لاستكشاف عوالم الطقوس والعادات والفنون الروسية، مما يُمكن المواطنين والمقيمين من التعرف على الثقافة الروسية وخلق جسور تواصل مباشرة بين الشعوب.
تاريخ طويل من التعاون العلمي يربط بين البلدين، حيث تلقت الكفاءات الإماراتية علومها في الجامعات الروسية منذ ستينيات القرن الماضي، وتخرجت في مجالات متنوعة، ليصبح العديد منهم من الركائز الأساسية في مشاريع التنمية الوطنية. تبقى الجامعات الروسية مقصدًا رئيسيًا للطلاب الإماراتيين الذين يسعون لعلوم متقدمة، مما يعزز من التعاون العلمي ويُكرّس التفاهم بين البلدين.
يعتبر برنامج “سفراء الشباب” نموذجًا رائدًا للتعاون الثقافي، حيث يتيح الفرصة للشباب من الإمارات وروسيا للتعرف على حضارة الآخر وبناء علاقات إنسانية قائمة على الاحترام، مما يسهم في تعزيز قيم التفاهم والتعايش. تظهر تلك القيم في الفعاليات الثقافية مثل مهرجان الموسيقى الروسية في أبوظبي، الذي أقيم مطلع عام 2020، حيث شارك فيه مجموعة من المبدعين الروس، مما يُبرز كيف يمكن للفن أن يكون لغة موحدة.
وضحت مؤسسات إماراتية، مثل مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، التعاون مع الجانب الروسي في مجالات الرعاية والتأهيل، حيث تم توقيع اتفاقيات مع مراكز بحثية وجامعات روسية لتحسين جودة حياة أصحاب الهمم وتبادل الخبرات في مجالات التشخيص والجراحة. يُعبر هذا التعاون عن أن العلاقات الثقافية تمتد لتشمل العمل الإنساني، وتقدم الدعم للمحتاجين في إطار قيم التعاون والتكافل.
في نهاية عام 2024، تم افتتاح مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك للتعليم في موسكو، وهو خطوة مهمة لتعزيز التعاون في مجالات تعليم اللغة العربية والتاريخ والفنون، وتطوير مناهج التعليم، مما يُعزز من حضور الثقافة الإماراتية في روسيا ويدعم بناء جيل مطلع على تراثه الحضاري.
شهدت العلاقات الثقافية بين الإمارات وروسيا نشاطاً ملحوظاً في مجال الأدب والترجمة، من خلال مشروع “كلمة” الذي يهدف إلى ترجمة أكثر من 20 عنوانًا من الأدب الروسي إلى العربية، مما يُثري المكتبة العربية ويعزز من التفاهم الثقافي.
تُبرز الفعاليات السينمائية والمهرجانات حضور الثقافة الروسية في الإمارات، حيث يشارك صناع السينما من البلدين في مهرجانات دولية، ويعرضون أعمالهم، وتُقام معارض وفعاليات تبرز الإبداعات الفنية، مما يُعزز من مكانة السينما كوسيلة فعّالة للتواصل الثقافي.