اليوم الدولي للشباب ودورهم في بناء المستقبل
تُحتفل كل عام في الثاني عشر من أغسطس بـ “اليوم الدولي للشباب”، وهو حدث عالمي يسلط الضوء على دور الشباب كمحرك رئيسي في بناء المجتمعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. في المملكة العربية السعودية، نجد أنفسنا نسير بخطوات ثابتة نحو تحقيق متطلبات رؤية 2030، حيث يُعتبر الشباب العمود الفقري لهذا التحول الوطني.
إن الحديث عن الشباب لا يقتصر الآن على تجاوز التحديات، بل يمتد ليشمل طموحاتهم المتزايدة، وأدوارهم القيادية، ومساهماتهم الفاعلة في تنمية بلادهم ومجتمعاتهم.
وبالرغم من النجاحات المتتالية التي يحققها الشباب السعودي في مجالات متعددة، لا تزال بعض الصور النمطية السلبية حاضرة في النقاشات المجتمعية، خصوصًا في الأوساط الأسرية. فكم من مرة وُصف الشباب بأنهم “جيل غير مبالٍ”، أو “مشغول بالسهر ووقته ضائع” أو “مدمنون على وسائل التواصل الاجتماعي”؟ كما يتم الإشارة إليهم بمثل شعبي يقول: “أكل ومرعى وقلة صنعة”.
هذه الآراء، رغم أنها قد تعكس حالات فردية، تغفل عن النقلة النوعية في وعي الشباب ومشاركتهم في المشهد المحلي والدولي.
إحصائيات رسمية تظهر صورة مغايرة تمامًا، مثل أن أكثر من 70% من مؤسسي المنشآت الصغيرة والمتوسطة هم من فئة الشباب، كما نلاحظ زيادة كبيرة في مشاركتهم في العمل التطوعي. في مجالات ريادة الأعمال والمحتوى الرقمي، يسجل الشباب السعودي بصمة واضحة، سواء من خلال إنتاج محتوى توعوي أو من خلال تمثيل المملكة في المحافل الدولية.
دور الشباب في التنمية المستدامة
ومع ذلك، غالبًا ما يتم اختزال قضايا الشباب في محورين أساسيين: تطوير المهارات وتوفير فرص العمل. ورغم أن هذين المحورين يعدان مهمين، إلا أنهما لا يجسدان الصورة الكاملة لاحتياجات الشباب. فهم يحتاجون أيضًا إلى فرص للإبداع، والمشاركة في صنع القرار، وإيجاد منصات للدعم النفسي، وتحقيق العدالة في توزيع الفرص.
يجب أن نُبرز النماذج الشبابية الناجحة، وأن تشمل السياسات الوطنية متطلبات هذه الفئة. هنا يبرز السؤال: ما الدور الذي نرغب في رؤية الشباب يقومون به؟ هل نرغب في أن يكونوا “مستفيدين” أم “صُنّاع”؟
كثيرًا ما يُنظر إليهم كفئة “مستفيدة” فقط، وهذا وجهة نظر قاصرة. فالشباب ليسوا مُستفيدين فحسب، بل هم شركاء في صناعة التنمية، ويساهمون في تشكيل معالمها من خلال ريادة الأعمال والابتكار والمشاركة في صياغة السياسات العامة التي تؤثر في حياتهم.
يجب أن نعمل على تحقيق توازن بين الدورين، من خلال إنشاء مجالس شبابية استشارية في الوزارات المعنية، مثل وزارة الرياضة والتعليم والثقافة.
لا ينبغي أن نغفل الفجوات الاجتماعية بين شباب المدن الكبرى وشباب المناطق النائية؛ شباب المدن الكبرى يتمتعون بفرص أوسع، لكنهم يواجهون ضغوط الحياة الحضرية، بينما يعاني شباب المناطق النائية من قلة الفرص رغم ما تملكه مناطقهم من إمكانات وثروات.
لردم هذه الفجوة، يجب تحليل وتقييم الاحتياجات التنموية استنادًا إلى بيانات حقيقية، واستخدام الجامعات ومراكز التنمية الموجودة في المناطق لتصميم خرائط حرارية توضح توزيع الفرص والاحتياجات.
يُعتبر الشباب المورد الأهم في دفع عجلة التنمية وصنع التغيير. فهم لا يمثلون النسبة الأكبر من المجتمع فحسب، بل هم الطاقة المتجددة والأساس الذي يعتمد عليه مستقبل المملكة.
إن الاستثمار فيهم ليس خيارًا، بل ضرورة وطنية. ويجب أن يتكامل هذا الاستثمار بين السياسات والمبادرات والجهود المجتمعية. عندما نُمكن شبابنا، نعزز استقرارنا ونضمن مستقبلًا مشرقًا للأجيال القادمة.