
قال الدكتور عمرو بصيلة، رئيس الإدارة المركزية لتطوير التعليم الفني، إن الصورة الذهنية السلبية المرتبطة بالتعليم الفني تعود جزئيًا إلى اعتقاد أن الطلاب الذين لم يحصلوا على درجات عالية في الإعدادية هم من يلتحقون بهذا النوع من التعليم. هذا الاعتقاد جعل بعض أولياء الأمور يشعرون بأن أبناءهم قد فشلوا إذا قرروا الالتحاق بهذا المجال.
وأضاف الدكتور بصيلة خلال لقائه مع الإعلامي أسامة كمال في برنامج “مساء dmc” على قناة dmc، أن هذه النظرة كانت صحيحة في الماضي لكنها تعكس تصورًا خاطئًا، مشيرًا إلى أن الطلاب الذين لا يحصلون على درجات مرتفعة قد تكون مهاراتهم غير متناسبة مع الدراسة النظرية، وليس لديهم بالضرورة ضعف.
وشرح بصيلة أن الوزارة تعمل على معالجة هذه المسألة من خلال اختبارات تساعد الطلاب على اكتشاف مهاراتهم الأساسية وتوجيههم نحو التعليم الملائم لها، مضيفًا أن هذه الممارسات تعكس فلسفة التعليم التكنولوجي المعتمدة عالميًا. كما أشار إلى أن النظام التعليمي في مصر يشبه أنظمة التعليم في دول مثل ألمانيا وفرنسا وإنجلترا واليابان والولايات المتحدة، حيث يتم توجيه الطلاب وفقًا لقدراتهم واهتماماتهم وليس فقط بناءً على درجاتهم.
كما أشار إلى أن الوزارة قد أبرمت مؤخرًا اتفاقيات مع مؤسسات دولية مثل المعهد العالي للتكنولوجيا الدوائية في روما ومدارس الصناعات الكهربائية، بهدف منح الطلاب شهادات مزدوجة تعترف بها مصر ودول أجنبية، مما يتيح لهم الفرصة للعمل أو متابعة دراساتهم في الخارج. وأكد أن هذه الاتفاقيات تتطلب تقييمًا دقيقًا من قبل الجانب الأجنبي، مشيراً إلى أن هناك أربع زيارات تبادلية قد تمّت بين الجانبين خلال التي تم خلالها تقييم الطلاب المصريين وأعمالهم وأشادوا بمستواهم.
وأوضح بصيلة أن هناك توجهًا استراتيجيًا واضحًا من الدولة نحو تعزيز التعليم التكنولوجي، حيث ارتفعت نسبة الطلاب الملتحقين به من 43% إلى 58% من خريجي الإعدادية. وأكد أن بعض مدارس التكنولوجيا التطبيقية أصبحت تتطلب درجات للقبول تصل إلى 90%، بل قد تصل في بعض الحالات إلى 97%.
وأشار إلى أن المشكلة لا تكمن في الطلاب بل في أولياء الأمور الذين يسعون لتحقيق أهدافهم من خلال أبنائهم، وأكد على أهمية اكتشاف مهارات الطلاب وتوجيههم نحو المجالات التي يمكنهم التفوق فيها. وذكر أن بعض الفنيين المهرة يتقاضون أجورًا أعلى من الأطباء أو المهندسين الجدد، مما يجعل المهارة هي العامل الحاسم في سوق العمل.
وبيّن أنه يتعين على التعليم التكنولوجي مواكبة تطورات الصناعة، حيث أن 90% من الابتكارات تنبع من خطوط الإنتاج وليس من مراكز الأبحاث، مما يستدعي التعاون مع القطاع الخاص لوضع المناهج وتحديث المهارات المطلوبة.
وأفاد بأن مصر تقدمت من المركز 113 عالميًا في التعليم التقني عام 2018 إلى المركز 43 في ديسمبر 2024، ويعود هذا الإنجاز إلى جهود حقيقية على الأرض. وأشار إلى أن الطلاب الذين يتخرجون الآن يمثلون سفراء لهذا التطور، وأن منح الشهادات الأوروبية المزدوجة يتطلب الامتثال لمتطلبات صارمة من الاتحاد الأوروبي، ما يعكس ثقة المؤسسات الدولية في مستوى التعليم الفني في مصر.