لا تقتصر السياحة الشاطئية في شمال أفريقيا على المدن الشهيرة مثل الحمامات أو أغادير، فهناك وجهتان برزتا في السنوات الأخيرة كخيارات مثالية لعشاق البحر والهدوء والأجواء الأصيلة، وهما جزيرة جربة في تونس ومدينة الداخلة في جنوب المغرب. ورغم اختلاف الموقع الجغرافي بينهما، فإن كليهما يجمع بين الشواطئ البكر والهوية الثقافية العريقة، مما يجعل كل واحدة منهما تجربة سياحية متكاملة لعشاق الطبيعة والروح الشرقية الدافئة. من الرمال الذهبية إلى الأسواق التقليدية والأنشطة البحرية، توفر الوجهتان رحلة متنوعة يمكن أن ترضي الباحثين عن الاسترخاء والمغامرة في آن واحد.

جربة: الجزيرة الحالمة على الساحل التونسي

تقع جزيرة جربة جنوب شرق تونس، وتشتهر بأنها واحدة من أجمل الجزر في البحر الأبيض المتوسط. ما يميزها هو تنوعها الفريد بين الشواطئ الهادئة ذات المياه الفيروزية، والقرى البيضاء التقليدية، والأسواق الشعبية التي ما زالت تحافظ على طابعها العربي الأصيل. تعتبر منطقة سيدي محرز من أشهر الشواطئ بفضل رمالها الناعمة وأنشطتها البحرية التي تشمل الإبحار وركوب الجِت سكي. كما يُعرف سوق حومة السوق بأنه القلب النابض للجزيرة، حيث يمكن للزائر شراء الصناعات اليدوية مثل الفخار والسجاد والمجوهرات الفضية. ولمن يهتمون بالتاريخ، تضم جربة واحدة من أقدم المعابد اليهودية في العالم، وهو كنيس الغريبة الذي يستقبل الزوار من مختلف الديانات خاصة خلال الموسم السنوي للاحتفال. بفضل هذا المزيج بين البحر والثقافة، أصبحت جربة وجهة مثالية للأسر والمسافرين الباحثين عن طابع تقليدي مريح بعيدًا عن صخب المدن الكبرى.

الداخلة: جنة عشاق الرياضات البحرية في المغرب

في أقصى جنوب المغرب، تمتد مدينة الداخلة على شاطئ طويل يطل على المحيط الأطلسي من جهة، وعلى بحيرة شاطئية هادئة من جهة أخرى، مما يجعلها واحدة من أفضل وجهات العالم لممارسة رياضة الكايت سيرف وركوب الأمواج. تجذب المدينة الرياضيين من أوروبا وأمريكا طوال العام بفضل رياحها المستقرة ومياهها الدافئة. لكن الداخلة ليست فقط لعشاق المغامرة، فالشواطئ مثل شاطئ فم لبير وشاطئ بوجرفور توفر مساحات واسعة للاسترخاء ومشاهدة غروب الشمس بألوان لا تُنسى. كما يمكن القيام برحلات إلى صحراء الداخلة الرملية التي تمتد بالقرب من الساحل، حيث يمكن تجربة التخييم تحت النجوم وتناول وجبات البربر التقليدية وسط الطبيعة المفتوحة. هذا التنوع بين البحر والصحراء يجعل الداخلة وجهة لا تشبه أي مدينة ساحلية أخرى في المغرب.

تجربة سياحية هادئة بطابع محلي أصيل

سواء اخترت جربة أو الداخلة، فإن ما يجمع الوجهتين هو غياب الزحام السياحي المبالغ فيه، ما يمنح الزائر فرصة للاندماج مع السكان المحليين والاستمتاع بالحياة اليومية البسيطة. في جربة، يمكن المبيت في نُزل تقليدية تسمى الدار ذات الطراز المعماري التونسي المقبب، بينما في الداخلة تنتشر مخيمات فاخرة بالقرب من البحيرة توفر تجربة بين الفخامة والبدائية في آن واحد. كما تتميز المدينتان بمأكولات بحرية طازجة تُقدم بأسلوب متوسطي في جربة وبنكهة أمازيغية وصحراوية في الداخلة، مما يجعل كل وجبة جزءًا من التجربة الثقافية. ومع تحسن الخدمات السياحية في السنوات الأخيرة، أصبحت كلتا الوجهتين أكثر استعدادًا لاستقبال المسافرين الباحثين عن وجهات مختلفة بعيدًا عن المسارات التقليدية.

في النهاية، يمكن القول إن جربة والداخلة ليستا مجرد مدن ساحلية، بل محطتان لاكتشاف وجه آخر للسياحة في تونس والمغرب، حيث يلتقي البحر بالتاريخ، والهدوء بالروح الشرقية الأصيلة. هما خيار مثالي لكل من يريد رحلة بطيئة الإيقاع لكنها غنية بالتفاصيل والذكريات التي تدوم طويلًا.