رامي زهدي يكتب: «الفيتو الرئاسي.. لحظة استعادة المصداقية الوطنية وإنقاذ ثقة المصريين في صناديقهم» - تواصل نيوز

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رامي زهدي يكتب: «الفيتو الرئاسي.. لحظة استعادة المصداقية الوطنية وإنقاذ ثقة المصريين في صناديقهم» - تواصل نيوز, اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025 05:52 مساءً

في المشهد السياسي المصري المتوتر بعد الانتخابات الأخيرة، برز تصريح الرئيس بوضوحٍ غير مسبوق حين أعلن أنه استخدم «الفيتو» في وجه الإجراءات الخاطئة والخروقات التي شابت العملية الانتخابية، هذا الإعلان ليس مجرد موقف عابر، بل هو نقطة تحول مهمة تؤكد أن الدولة بأعلى قياداتها ترفض أن تُختطف إرادة المصريين أو يُزور طريق المستقبل تحت أي ذريعة أو مصلحة ضيقة، وأن. الدولة في صراع مع الفساد والمستفدين وليست ضد الديمقراطية او إرادة الجماهير.


لقد سبق للقيادة السياسية أن أصدرت بياناً واضحاً في الاتجاه نفسه، يؤكد أن الشرعية لا تُبنى على الشكوك، وأن الرئيس لا يمانع إن اقتضى الأمر  في إعادة الانتخابات أو إلغائها جزئياً أو كلياً إذا ثبت أنها لا تعبر تعبيراً صادقاً عن إرادة الشعب، وهذا، في جوهره، يعيد الاعتبار لقيمة التصويت الحر، ويؤكد أن الدولة لا تخشى المراجعة، بل تحترمها.

غير أن إعادة الانتخابات أو إلغاؤها، رغم أهميته، ليس نهاية الطريق، فالمشكلة لم تكن فقط في الخروقات الإجرائية، بل في منظومة انتخابية وسياسية باتت بحاجة لإعادة نظر شاملة؛ منظومة هزّتها وقائع مشهودة، ليس في هذه الانتخابات فقط، بل في انتخابات مجلس الشيوخ التي سبقتها، والتي شابها القدر ذاته من التجاوزات وفقدت ثقة الناس إلى الدرجة التي يصعب معها استرداد تلك الثقة عبر التجميل أو الترميم.

من هنا تأتي الحاجة إلى خطوة إصلاحية جريئة، تليق بعصر الجمهورية الجديدة وروح الدولة الحالية.

اتقدم لسيادة الرئيس وللجهات المعنية بإنشاء «لجنة حكماء» تضم شخصيات وطنية قانونية وسياسية ليست ذات مصالح مباشرة، مشهود لها بالنزاهة والخبرة والقبول العام، يثق بها الرئيس ويثق بها الشعب، تكون مهمتها وضع تصور شامل لإصلاح سياسي وانتخابي حقيقي، إصلاح لا ينطلق من رد الفعل، بل من رؤية للدولة ولمستقبلها، ويعمل على تفكيك المشكلات من جذورها، لا من أطرافها.

هذه اللجنة يجب أن تُكلف بصياغة قانون انتخاب جديد، قانون يعبر بصدق عن إرادة الدولة ومصالحها الوطنية العليا، وفي الوقت نفسه يحفظ حق المواطن في المشاركة والاختيار والمحاسبة، قانون يضمن التمثيل العادل، ويعيد تشكيل العلاقة بين المواطن وصندوقه الانتخابي بعد أن اهتزت هذه العلاقة على نحو لا يمكن تجاهله أو التقليل من شأنه.

ولأن الإصلاح الحقيقي يحتاج إلى أدوات تنفيذ مستقرة وواضحة، فمن الطبيعي أن يصدر هذا القانون بعد دراسته وتوافق اللجنة عليه بمرسوم رئاسي أو بأي صيغة دستورية مناسبة تضمن سرعة التطبيق واحترام الإجراءات وصحتها القانونية، بما يتوافق مع صلاحيات الرئيس ومواد الدستور، ويمنح العملية الانتخابية مظلة من الاستقرار القانوني والسياسي.

إن هذا المسار ليس مجرد معالجة أزمة راهنة، بل خطوة لإغلاق باب الفوضى السياسية التي قد تفتحها انتخابات مشكوك فيها، وإعادة بناء جدار الثقة الوطنية، فالدولة التي تواجه تحديات إقليمية معقدة، وتحاول إعادة بناء اقتصادها، لا يمكن أن تسمح بأن تصبح شرعيتها الداخلية موضع تساؤل، أو أن تخضع مؤسساتها الديمقراطية لحفنة من المنتفعين الذين يقتاتون على الفساد والتلاعب.

إن الفيتو الرئاسي هو بداية لمرحلة جديدة، عنوانها الوضوح والمحاسبة واستعادة هيبة الدولة، وشرعية العملية السياسية، وفتح الباب أمام لجنة حكماء هو جزء من هذه المرحلة، ليكون مسار الإصلاح مؤسسياً، موضوعياً، ومرتبطاً برؤية الدولة، لا بمزاج اللحظة أو ضغوط المصالح.

لقد أثبتت التجربة أن المصريين لا يقبلون أن يُختزل صوتهم في محاضر مزورة، أو تُختطف إرادتهم عبر مال سياسي فاسد، أو تُدار حياتهم العامة بصفقات غرف مظلمة، اليوم، ومع هذا القرار الرئاسي، باتت الفرصة متاحة لإعادة إنتاج الحياة السياسية على أسس جديدة، أكثر احتراماً، وأقرب للواقع، وأكثر قدرة على التعبير عن شعب يريد الحق، لا أكثر.

وإذا كانت الانتخابات قد كشفت الخلل، فإن الفيتو الرئاسي قدم بداية الحل، وما بين كشف الخلل وبداية الحل، تقف مسؤولية الدولة في أن تمضي للنهاية في طريق الإصلاح، بلا تردد، وبلا مساومات، وبلا خشية من الحقيقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق