بعد أيام من الانتظار والمفاوضات التي حاول الاحتلال الإسرائيلي عرقلتها، أُنجزت المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، حيث أصدر مكتب إعلام الأسرى (مؤسسة إعلامية مختصة بالأسرى وتتبع حركة "حماس") القائمة الرسمية للأسرى الذين شملتهم الصفقة.

وبحسب القائمة التي حصلت "قدس برس" على نسخة منها، تضم المرحلة الأولى 24 أسيرًا مقدسيًا، بينهم 16 محكومًا بالسجن المؤبد، و6 من أصحاب الأحكام العالية التي تراوحت بين 15 و39 عامًا، إضافة إلى اثنين من الموقوفين الذين لم تصدر بحقهم أحكام بعد.

وتشير القائمة إلى أن 15 من هؤلاء الأسرى سيتم إبعادهم إلى خارج فلسطين المحتلة، وهم من فئة المؤبدات والأحكام العالية.

ومن بين الأسرى المقدسيين الذين تحرروا في الصفقة: سمير أبو نعمة، نصري عاصي، أحمد سعادة، فراس غانم، عبد الجواد ومحمد شماسنة، محمود عيسى، أمين شقيرات، أيمن الشرباتي، حسام وضياء مطر، نبيل أبو خضير، يوسف هذالين، سهيل شقيرات، محمد أبو شاهين، أيمن الكرد، محمد أبو قطيش، سعدي أبو حماد، سامر حلبية، عمر عيد، سفيان عجلوني، وخالد صباح.

ويُعد الأسير نصري عاصي من أبرز المحررين، إذ كان يقضي حكمًا هو الأعلى بين الأسرى المقدسيين: 17 مؤبدًا و70 عامًا. وقد اعتقله الاحتلال عام 2006 بتهمة الانتماء لكتائب القسام والمشاركة في عمليتين استشهاديتين نُفذتا ردًا على اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة "حماس"، عام 2004.

كما أُفرج عن الأسير محمود عيسى، مؤسس الوحدة الخاصة المعروفة بـ"101" في كتائب القسام، والتي تُعد من أوائل خلايا المقاومة في القدس. وقد نفذت هذه الوحدة عملية خطف الجندي الإسرائيلي "نسيم توليدانو" عام 1992، وضمت عددًا من الأسرى الذين تحرروا لاحقًا في صفقة "وفاء الأحرار"، منهم محمد عطون، ماجد أبو قطيش، وموسى العكاري. اعتُقل عيسى عام 1993 بعد ستة أشهر من المطاردة، وألّف خلال فترة أسره عدة كتب، منها: (وفاء وغدر)، و(السياسة بين الشرعية والواقعية)، و(نظرية المؤامرة في القرآن الكريم).

أما الأسير سمير أبو نعمة، فهو أقدم الأسرى المقدسيين في سجون الاحتلال، وقد اعتُقل عام 1986 على خلفية مشاركته في خلية تابعة لسرايا الجهاد الإسلامي (تيار إسلامي داخل حركة فتح)، والتي نفذت عملية حائط البراق وعددًا من العمليات الأخرى. وشارك في تلك العمليات الأسيران طارق وعبد الناصر الحليسي، اللذان استشهدا لاحقًا في معركة "طوفان الأقصى" بعد إبعادهما إلى غزة في صفقة "وفاء الأحرار".

ومن بين المحررين أيضًا أيمن سدر، أحد أوائل المنضمين لحركة "حماس" منذ تأسيسها، وقد اعتُقل عام 1995 من حاجز بيت حانون شمال غزة، وحُكم عليه بالسجن المؤبد و30 عامًا، بتهمة الانتماء لكتائب القسام وتقديم معلومات استخبارية حول أهداف عمليات استشهادية في القدس والداخل المحتل.

وقبيل تنفيذ الصفقة، استدعت مخابرات الاحتلال صباح اليوم (الاثنين) عائلات الأسرى المقدسيين إلى مركز شرطة "غرف 4" غربي القدس، وأبلغتهم بجملة من القيود الصارمة على مراسم الاستقبال. وبحسب إفادات العائلات، مُنع تنظيم أي احتفالات أو تجمعات خارج المنازل، كما حُظر رفع الأعلام الفلسطينية أو الرايات الفصائلية، وأُبلغ الأهالي بأن مركبات تابعة لجهاز المخابرات ستتولى نقل كل أسير إلى منزله فور الإفراج عنه، دون السماح بأي مظاهر جماهيرية.

وتأتي هذه الإجراءات في ظل بدء تنفيذ صفقة تبادل الأسرى التي أُقرّت ضمن اتفاق شامل أعلنت عنه حركة "حماس" فجر الخميس الماضي (9 تشرين الأول/أكتوبر)، والذي يقضي بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل الإفراج عن أسرى إسرائيليين.

وجاء الإعلان عن الاتفاق عقب مفاوضات مكثفة أجرتها الحركة وفصائل المقاومة في مدينة شرم الشيخ المصرية، استنادًا إلى مقترح قدمه الرئيس الأميركي، قبل أن تصادق عليه حكومة الاحتلال الإسرائيلي ويدخل حيز التنفيذ رسميًا.

وبدأت اليوم المرحلة الأولى من تنفيذ صفقة التبادل، وفقًا لقوائم تم إعدادها مسبقًا، وسط ترقب شعبي واسع، لا سيما في مدينة القدس التي تضم عددًا من الأسرى القدامى المشمولين في الصفقة، رغم القيود التي فرضها الاحتلال على مظاهر الفرح والاستقبال.