نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بوتوكس أردني خريفي ... موسم تبديل الوجوه ! - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 06:49 مساءً
في عمان، حيث تتمايل أوراق الشجر بخجل على أرصفة الإنتظار، لا يأتي الخريف فقط بملابس ثقيلة وقهوة سادة تركية، بل بخفّة يد سياسية تُعيد ترتيب"الديكور الديمقراطي دون أن تغيّر الجدران المهترئة. نعم، نحن لا نشهد مجرد تأجيل لدورة برلمانية، بل جلسة بوتوكس دستوري لوجه منظومة ما زالت تصرّ أن تمثلنا، رغم أنها بالكاد تمثل نفسها أمام المرآة.
و لا يا عزيزي ان تأجيل دورة مجلس النواب حتى 26 أكتوبر ، ليس لأن النواب بحاجة لراحة من ثقل المسؤولية ، بل لأن هناك من يكتب سيناريو جديد للمسرحية، ويعيد توزيع الأدوار قبل أن تُفتح الستارة من جديد. والستارة هنا لا تُرفع بـصفّارة الإصلاح، بل بإشارة من خلف الكواليس حيث لا تدخل الشمس، ولا يُسمع صوت الناخب إلا كصدى بعيد لما قبل الإنفجار.
يُقال إن ثمة قانون انتخاب جديد في الطريق، لكنه كالعادة لا يُصاغ في حوار وطني، بل في غرف محكمة الإغلاق، حيث لا يُسمع سوى همسات رجال الدولة وهم يرتبون شكل البرلمان لا مضمونه. الإصلاح هنا ليس غاية، بل ديكور يُلقى على وجوه التعديلات ليرضى المانحون، وتخفت نبرة المعارضين، ولو إلى حين.
نعم، الأحزاب تُستدعى للنقاش، ولكن بعد أن تنضج الكعكة السياسية وتُقسم الحصص. أما المعارضة؟ فتعطى ملعقة بلا طاولة، وتُطلب منها تذوق التعددية من خلف الزجاج.
والنتيجة؟ قانون انتخاب لا يفرز ممثلين، بل شخوصًا تُلقى في قاعة البرلمان كمجسّمات بلاستيكية، بعضها يصرخ في وجه الحكومة، وبعضها يتثاءب في وجه الكاميرا، وجميعهم يُوَحَّدون تحت شعار الوطن فوق الجميع، بينما الوطن نفسه يسكن خارج القاعة، على الرصيف، بإنتظار العدالة التمثيلية التي تأخرت عن الباص الأخير.
ها نحن نعود مجددًا إلى لعبة الكراسي. استقال النائب أحمد الصفدي هو أمر جيد. فهل هي فرصة لتجديد الدماء؟ ليس بالضبط. المسألة ليست في من سيجلس على الكرسي، بل في من يكتب جدول الأعمال، ومن يقرر ما يُناقش وما يُمرر تحت عنوان الإجماع الوطني وهو المصطلح الذي يبدو بريئًا في الواجهة، لكنه يخفي عملية جراحية سياسية تُجرى دون مخدر، ولا إعلام حقيقي.
وهل التيار الإسلامي يريد مقعدًا متقدمًا؟.. طبعًا، بشرط ألا يُحدث أي ضجيج حقيقي. فالإعتراضات مسموح بها طالما تبقى داخل دفتر ملاحظات المنسق السياسي. أما الخارجون عن النص؟ فإما يُعاد تأهيلهم، أو يُخرجون من اللعبة بمبرر أن المرحلة لا تحتمل المهاترات.
و حكومة الدكتور جعفر حسان تمارس دور الظل، تمشي على أطراف أصابعها، وتتقن فن الحياد الرمادي أيضا. ليست حكومة مبادرات، ولا مواجهة، بل أقرب إلى طاقم إسعاف سياسي، هدفه إبقاء النبض في جسد الدولة، لا علاج الجروح العميقة.
إذن نرى كل ما يُطرح هو تعديلات شكلية تشبه تلك الإعلانات عن منتج جديد بطعم قديم. فهل سيتم تغيير بعض الشخصيات؟... طبعاً. وجوه جديدة بأدوار قديمة، ومهمات محددة مسبقًا و امتصاص الغضب الشعبي المتوقع، دون تقديم أي إجابات عن الأسئلة الحقيقية.
قد يُقال إن هناك إعادة تشكيل للتمثيل السياسي. جميل. لكن إذا لم تُصلح الحياة الحزبية من جذورها، فسنظل ندور في فلك المريخ الساخن . والنفوذ المحلي، وصفقات الظل التي تُمرر فيها المقاعد النيابية كما تُمرر المناصب في لعبة مونوبولي مشوهة.
وليجيب الجميع هنا ، هل هناك تمويل حزبي واضح؟ لا.هل هناك قواعد للمساءلة؟ لا.هل هناك مؤسسات حزبية لا ترتجف عند أول مكالمة من رقم خاص؟ للأسف، أيضًا لا. إذن تتفقون معي ..و إذن،بالمحصلة قانون انتخاب جديد دون حياة حزبية حقيقية؟ أشبه بتصميم سيارة سباق بلا محرك. قد يبدو براقًا، لكنه لن يذهب إلى أي مكان.
أما الناس؟ فهم يراقبون. لا يتوقعون، لكنهم لا ينسون. يعرفون أن الهدوء الحالي ليس رضا، بل انتظار الغيمة التالية. الاحتجاجات قد تكون هادئة ، لكن الغضب لم يمت. فقط يرتدي معطف الصبر، حتى تأتي لحظة لا يمكن تجاهلها.
وما نخاف منه حقًا، ليس ما يُقر، بل ما يُمنع وهو حوار وطني حقيقي. مشاركة شعبية فعلية. زمن سياسي كافٍ لصياغة قوانين تمثيلية لا تضحك علينا في نشرات الأخبار.
نحن أمام مفترق طرق. إما إعادة تدوير الأزمة بديكور ديمقراطي منخفض السقف، أو القفز نحو مرحلة جديدة تعترف بأن الدولة القوية تبنى بمواطنين ممثلين لا مدجنين، وببرلمان فاعل لا ديكوري، وبقوانين تُصاغ علنًا، لا تُهرّب في المغلفات.
وفي خريف السياسة الأردنية، قد تسقط أوراق كثيرة، لكن السؤال الأهم ليس، من سيرشح نفسه؟ بل، من سيكتب تاريخه من جديد، كفاعل لا كصدى؟ وهل سنشهد ميلاد دولة تمثيلية حقيقية؟ أم أننا، كعادتنا، سنُعيد ترتيب الوجوه... فوق نفس الطاولة القديمة..
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : بوتوكس أردني خريفي ... موسم تبديل الوجوه ! - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025 06:49 مساءً
0 تعليق