الضربة على المصيلح بين الرسائل والواقعية - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الضربة على المصيلح بين الرسائل والواقعية - تواصل نيوز, اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 04:42 صباحاً

تواصل نيوز - قتل شخصان، السبت 11 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بغارات إسرائيلية على منطقة المصيلح في جنوبي لبنان، في هجوم هو الأعنف منذ اتفاق وقف إطلاق النار، وسط تنديد رسميّ في بيروت بالغارة التي تأتي بعد سريان اتفاق مماثل في غزة. فيما أكد الجيش الإسرائيلي أن الغارات استهدفت بنى تحتية تابعة لـ"حزب الله"، من خلال ضرب ستة معارض للجرافات والحفارات حيث تمّ تدمير أكثر من 300 آلية، وقدرت الخسائر المادية بملايين الدولارات.

 

تحمل هذه الضربة في مضمون أهدافها رسائل سياسية وميدانية ذات أبعاد تتخطى حدود المصيلح، وهي إحدى قرى قضاء صيدا في محافظة الجنوب، حيث قصر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي يشكل تحالفاً ثنائياً مع "حزب الله" الحليف المتين لإيران.

 

وجد الكثير من المتابعين أن هذه الضربة تحمل أبعاداً في السياسة وجّهت إلى بري، الذي حملت مواقفه في الآونة الأخيرة، رفضاً لأيّ شكل من أشكال التطبيع في لبنان، وأخرى يتهجم فيها على الحكومة اللبنانية، معتبراً أنها لم تقم بدور إعادة الإعمار رغم مرور أشهر على تشكيلها، مما أدخل الرئاستين الثانية والثالثة في جدال "التراشق الكلامي".

 

لم يتردد بري في "لبننة" العدوان كي يحرفه عن مضمونه الأساسي، على اعتبار أنه لا يطال منطقة
المصيلح، بل "هو عدوان على لبنان وأهله... وكل أهله"، في تعبير واضح عن أنّ هناك استهدافاً للمسيحي كما للمسلم لما تتضمن هذه المنطقة من خليط تعايشي مسيحي وإسلامي.

وأضاف بري أن "هذا العدوان لن يغيّر من قناعاتنا وثوابتنا"، في تأكيد واضح على استمرار التحالف الثنائي الشيعي، من دون أن يستطيع أحد إحداث شرخ بينهما.

 

 

ليست المرة الأولى التي تستهدف إسرائيل البنية الإعمارية لـ"حزب الله" أو حتى البيئة الحاضنة لها، في رسالة واضحة لمنع عودة الإعمار تحديداً في المناطق المحاذية، لتشكيل ضغط إضافي على الحزب عبر بيئته الحاضنة، التي باتت تعاني الأمرّين بعد الحرب الأخيرة.

 

لا نقاش في أن أحداً لن يستطيع القيام بذلك، مع التأكيد على أن هذا الموضوع لا ينطلق من ثوابت وطنية فقط، بل من ترابط واضح مع المواقف العليا التي تطلقها الجمهورية الإسلامية في إيران، التي رفضت، السبت 11 تشرين أول الجاري، تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن إمكانية تطبيع العلاقات بينها وبين الاحتلال، ووصفتها بأنها "مجرد أحلام".

 

...يجد لبنان نفسه معنياً في جدلية الصراع الأميركي - الإيراني بشكليه المباشر وغير المباشر، حيث إن مناطقه تشهد يومياً اعتداءات إسرائيلية تضعها تحت عنوان منع "حزب الله" من إعادة ترتيب بنيته العسكرية في المناطق الجنوبية، في حين تؤكد مصادر "حزب الله" أن استمرار الغارات الجوية التي تستهدف المناطق شمال الليطاني تشير إلى وجود توجه فعلي لدى الحزب للانتقال إلى مرحلة جديدة عنوانها إعادة الإعمار في المناطق المتضررة".

 

يشهد لبنان موجة غير مسبوقة من الضغط الديبلوماسي المتمثل بالمواقف الغربية والعربية الهادفة إلى "حصر السلاح"، وأن الانفتاح العربي والدولي لن يكون في ظلّ وجود سلاح غير شرعي على الأراضي اللبنانية. في ظلّ هذه المواقف المتشددة تجاه لبنان، يقوم الطيران الإسرائيلي باستهداف البلدات والمناطق في لبنان على اعتبار أنها مراكز تابعة لـ"حزب الله" عسكرية أو إعمارية. وما استهداف المهندسَين على الطريق العامة، الجرمق – الخردلي، التابعين لشركة "معمار" في حزب الله إلا دليل على ذلك.

 

يعيش لبنان واقعاً سياسياً وأمنياً مأزوماً ومكشوفاً على الاحتمالات كافة، ولاسيما أن التسوية في قطاع غزة لم تضع معالمها الأخيرة، ولم تحدّد من هو المنتصر من المهزوم، في ضوء تأكيدات من الأطراف على تحقيق النصر. ورغم أن المرحلة الثانية من خطة ترامب أكثر تعقيداً من الأولى، وأن الشيطان يكمن في التفاصيل، ولا سيما في ما يتعلق برفض "حماس" مناقشة موضوع السلاح، فإنّ احتمال العودة إلى الحرب لم يزل حاضراً. هذا ينعكس على قرار "حزب الله" من ناحية رفض تسليم السلاح، وإعادة تموضعه في المنطقة الجنوبية، ويدعم أيضاً التفاوض الإيراني على قضايا رئيسية على رأسها ملفها النووي.

 

لقد سارعت كل من قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية ومصر إلى دعم خطة ترامب للسلام، في
محاولة منها لاستيعاب الواقع من غزة إلى لبنان وسوريا وربما أبعد، إذ يدرك الجميع أن الإيراني عائد إلى ترميم محوره، عبر تعزيز وكلائه في المنطقة. وما رفض "حزب الله" تسليم السلاح إلا دليل على ذلك. تسارع واشنطن الخطوات نحو إبرام الاتفاقيات مع مروحة من الدول العربية والإسلامية، في ظلّ إشكالية تعقيدية باتت واضحة وترتبط بالمطالبة الإسلامية بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهذا ما ترفضه إسرائيل والولايات المتحدة.

 

على هذا الخلاف يلعب الإيراني، الذي يأبى الدخول في لعبة الاتفاقيات، والذي يجد أن الفرصة مناسبة له، مع تفعيل التوتر الروسي - الصيني في مقابل الولايات المتحدة، إضافة إلى أنه على قناعة من أن العالم لم يرسم خريطته الأخيرة بعد، ولا أي نظام دولي سيكون عليه.

 

أمام هذه القناعة، وعلى وقع "أحلام التطبيع" الأميركية، يعيش لبنان بين الرسائل المتمثلة بعدم دعم لبنان على إعادة الإعمار بظل التباعد الدولي، وبين الواقعية التي تفرض ذاتها، والتي تؤكد أن الحرب باتت وشيكة وأن لبنان سيكون ساحتها.

 

-المقاربة الواردة لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الإعلامية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق