2026 عام الحسم الاقتصادي: هل يتحوّل الاستقرار الظاهر إلى مسار دائم؟ - تواصل نيوز

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
2026 عام الحسم الاقتصادي: هل يتحوّل الاستقرار الظاهر إلى مسار دائم؟ - تواصل نيوز, اليوم الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 07:13 صباحاً

يطل عام 2026 على لبنان محملاً بتحديات اقتصادية متداخلة، تعكس طبيعة المرحلة الانتقالية التي يعيشها البلد بين استقرار نقدي هشّ وأزمة بنيوية لم تُحلّ جذرياً بعد. فالتباين بين انتظام نسبي في سعر الصرف والإدارة النقدية من جهة، واستمرار التعثر القانوني والمالي في معالجة الخسائر المصرفية وحقوق المودعين من جهة أخرى، يشكل العنوان الأبرز للاقتصاد اللبناني في العام المقبل. هذا الواقع لا يدلّ على تعافٍ فعلي، بل على إدارة مؤقتة للأزمة تؤجل كلفة الحلّ بدلاً من توزيعها بشكل عادل وواضح.

أحد أبرز التحديات في 2026 يتمثل في استعادة الثقة، داخلياً وخارجياً، وهذه مسألة تتجاوز الأرقام والمؤشرات. فالاقتصاد لم يعد يُقاس بمعدلات النموّ أو التضخم وحدها، بل بقدرة الدولة على بناء إطار قانوني ومؤسساتي يُعيد تنظيم العلاقة بين المالية العامة والقطاع المصرفي والمودعين. 

ورغم أهمية توحيد سعر الصرف، واعتماد أسعار واقعية للضرائب والرسوم، تبقى هذه الخطوات ناقصة ما دامت الودائع خارج أي تسوية شاملة، تدار بتعاميم ظرفية تبقي حالة عدم اليقين، وتُضعف الحافز على الاستثمار والادخار.

يرتبط التحدي الثاني بهشاشة التحسّن الاقتصادي المتوقع. فالتقديرات الدولية تشير إلى إمكان تسجيل نموّ معتدل وتراجع تدريجي في التضخم... إلا أن هذه الإشارات الإيجابية تبقى مشروطة باستمرار الاستقرار النقدي وبتدفق التمويل الخارجي. في المقابل، يشكل العجز الكبير في الحساب الجاري والضغط المزمن على ميزان المدفوعات نقطتي ضعف أساسيتين، تجعلان أيّ صدمة سياسية أو أمنية أو تراجع في التحويلات والسياحة كفيلة بإعادة خلط الأوراق.

أما التحدي المحوري فيتمثل في مصير مشروع "قانون الفجوة المالية والانتظام المالي واسترداد الودائع"، بعدما أقرّه مجلس الوزراء اللبناني وأحاله إلى مجلس النواب. فالتأخير في إقرار قانون واضح يُحدّد حجم الخسائر وآلية توزيعها وفق تسلسل قانوني عادل، بدءاً من رساميل المساهمين، يعني عملياً استمرار الشلل في القطاع المصرفي، وبقاء الاقتصاد أسير النقد و"الكاش". هذا الملف لا يشكل شرطاً أساسياً لأي اتفاق مع صندوق النقد الدولي فحسب، بل بات معياراً لقدرة السلطة التشريعية على استكمال مسار الانتقال من إدارة الأزمة إلى حلّها، في إطار قانوني ملزم.

ضمن التحديات التي يواجهها لبنان في 2026، يبرز إدراجه على قائمة مراقبة الطوارئ للجنة الدولية للإنقاذ (Emergency Watchlist 2026)، إلى جانب مناطق تشهد أزمات حادة كقطاع غزة والسودان وسوريا واليمن والصومال ودول أخرى. ورغم أن الواقع الإنساني في لبنان لا يبلغ مستويات العنف أو الكوارث القائمة في بعض هذه البلدان، فإن تصنيفه يعكس مستوى الهشاشة العالية التي تجعله معرضاً لانزلاق سريع نحو أزمة إنسانية واسعة، في حال التعرّض لأيّ صدمة إضافية، سواء أكانت مالية أم سياسية أم أمنية. وهذا المؤشر يضع عام 2026 تحت اختبار القدرة على احتواء المخاطر الاجتماعية والاقتصادية، قبل تحوّلها إلى أزمة شاملة يصعب ضبطها.

يقف لبنان في 2026 على مفترق حاسم: مواجهة هذه التحديات بقواعد شفافة والتزامات قانونية واضحة وجريئة تحوّل الاستقرار الظاهر إلى تعافٍ قابل للديمومة والاستمرار، أو الإمعان في سياسة الغموض التي تنتج نموّاً هشاً، بلا ثقة وبلا تمويل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق